للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٤٣] ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَمَلًا مِنْهُ بِالنَّصِّ، لَمَا عُوتِبَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِالِاجْتِهَادِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا قَالَ فِي شَأْنِ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا قَالَ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا - أَوْ: لِقُبُورِنَا - فَقَالَ: إِلَّا الْإِذْخِرَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ بِاجْتِهَادِهِ، إِجَابَةً لِلْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، إِذْ لَوْ دَخَلَ الْإِذْخِرُ فِي عُمُومِ الْمَنْعِ مِنْهُ؛ لَمَا جَازَ أَنْ يُجِيبَ الْعَبَّاسَ إِلَيْهِ.

وَلَمَّا سَأَلَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ عَنِ الْحَجِّ: أَلِعَامِنَا هَذَا، أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: لِلْأَبَدِ، وَلَوْ قُلْتُ: لِعَامِنَا، لَوَجَبَتْ الْكَلِمَةُ أَوِ الْحَجَّةُ مُكَرَّرَةٌ كُلَّ عَامٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ بِاجْتِهَادِهِ.

قُلْتُ: إِنَّمَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ إِنْ دَلَّ، وَالْكَلَامُ فِي الْوُقُوعِ. وَلَمَّا قَتَلَ النَّضْرُ بْنَ الْحَارِثِ بِبَدْرٍ، جَاءَتْ أُخْتُهُ قُتَيْلَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، فَأَنْشَدَتْهُ أَبْيَاتًا مِنْهَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>