. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَا نَصَّ فِيهِ، فَهَلْ هُوَ مُتَعَبَّدٌ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَالْمَذَاهِبُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا: الْإِثْبَاتُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ.
وَالثَّانِي: النَّفْيُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَائِيِّ، وَابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ.
وَالثَّالِثُ: الْإِثْبَاتُ فِي الْحُرُوبِ وَالْآرَاءِ، دُونَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَالرَّابِعُ: تَجْوِيزُهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِهِ. حَكَاهُ الْآمِدِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي رِسَالَتِهِ.
قَالَ: وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَوُقُوعِهِ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَالٌ، وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُنَازِعُ فِي الْجَوَازِ عَقْلًا، إِنَّمَا يُنَازِعُ مَنْ يُنَازِعُ فِيهِ شَرْعًا.
وَأَمَّا الْوُقُوعُ، فَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِيهِ أَقْوَالًا، ثَالِثُهَا الْوَقْفُ وَاخْتَارَهُ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: تَوَقَّفَ أَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ فِي الْكُلِّ، وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ الْجَوَازَ وَالْوُقُوعَ.
وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَبَا يُوسُفَ قَالَا بِالْوُقُوعِ.
قَوْلُهُ: «لَنَا» ، أَيْ: الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ كَوْنِهِ مُتَعَبَّدًا بِالِاجْتِهَادِ أَنَّهُ «لَا مُحَالَ» فِيهِ «ذَاتِيٌّ وَلَا خَارِجِيٌّ» ، أَيْ: لَا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ لِذَاتِهِ، وَلَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ جَائِزٌ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا:» . هَذِهِ حُجَّةُ الْخَصْمِ.
وَتَقْرِيرُهَا: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُمْكِنُهُ تَحْقِيقُ الْأَحْكَامِ، وَتَحْقِيقُهَا بِالْوَحْيِ، «وَالِاجْتِهَادُ عُرْضَةُ الْخَطَأِ» فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوَابِ قَطْعًا. وَهَذَا نَحْوٌ مِمَّا سَبَقَ لَهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا:» ، أَيِ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ «الظَّنَّ مُتَّبَعٌ» فِي الشَّرْعِ، وَاجْتِهَادُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَقَلُّ أَحْوَالِهِ