صناعة، والزمام لكل عبارة، والقسطاس الذى به يستبين نقص كلّ شىء ورجحانه، والراووق الذى يعرف به صفاء كلّ شىء وكدره، والذى كلّ علم عليه عيال، وهو لكلّ تحصيل آلة ومثال وقال ابن الرومى:
ما عذر معتزلىّ موسر منعت ... كفّاه معتزليا مثله صفدا»
أيزعم القدر المحتوم ثبّطه ... إن قال ذاك فقد حلّ الّذى عقدا
وقال [ابن الرومى] :
لذوى الجدال إذا غدوا لجدالهم ... حجج تضلّ عن الهدى وتجور
وهن كآنية الزّجاج تصادمت ... فهوت، وكلّ كاسر مكسور
فالقاتل المقتول ثمّ لضعفه ... ولوهيه، والآسر المأسور
وقال أبو العباس الناشىء يفتخر بالكلام:
ونحن أناس يعرف الناس فضلنا ... بألسننا زينت صدور المحافل
تنير وجوه الحقّ عند جوابنا ... إذا أظلمت يوما وجوه المسائل
صمتنا فلم نترك مقالا لصامت ... وقلنا فلم نترك مقالا لقائل
وقال يصف أصحابه:
فلو شهدت مقاماتى وأنديتى ... يوم الخصام وماء الموت يطّرد
فى فتية لم يلاق الناس مذ وجدوا ... لهم شبيها ولا يلفون إن فقدوا «٢»
مجاور والفضل أفلاك العلا سبل التقوى ... محلّ الهدى عمد النّهى الوطد
كأنهم فى صدور الناس أفئدة ... تحسّ ما أخطئوا فيها وما عمدوا
يبدون للناس ما تخفى ضمائرهم ... كأنهم وجدوا منها الذى وجدوا
دلّوا على باطن الدنيا بظاهرها ... وعلم ما غاب عنهم بالذى شهدوا
مطالع الحقّ ما من شبهة غسقت ... إلّا ومنهم لدينا كوكب يقد «٣»