له عينان حشو أجفانهما السّحر، كأنه قد أعار الظّبى جيده، والغصن قدّه، والراح ريحه، والورد خدّه، الشّكل «١» من حركاته، وجميع الحسن بعض صفاته. قد ملك أزمّة القلوب، وأظهر حجّة الذنوب، كأنما وسمه الجمال بنهايته، ولحظه الفلك بعنايته، فصاغه من ليله ونهاره، وحلاه بنجومه وأقماره، ونقبّه ببدائع آثاره، ورمقه بنواظر سعوده، وجعله بالجمال أحد حدوده. وقد صبغ الحياء غلالة وجهه، ونشر لؤلؤ العرق عن ورد خدّه. تكاد الألحاظ تسفك من خدّه دم الخجل. له طرّة كالغسق، على غرّة كالفلق. جاءنا فى غلالة تنمّ على ما يستره، وتجفو مع رقّتها عما يظهره «٢» . وجه بماء الحسن مغسول، وطرف بمرود السّحر مكحول ثغر حمى حماية الثغور، وجعل ضرّة لقلائد النحور. السحر فى ألحاظه، والشهد فى ألفاظه. اختلس قامة الغصن، وتوشّح بمطارف الحسن، وحكى الروض غبّ المزن «٣» . الأرض مشرقة بنور وجهه، وليل السّرار فى مثل شعره «٤» . الجنة مجتناة من قربه، وماء الجمال يترقرق فى خدّه، ومحاسن الربيع بين سحره ونحره، والقمر فضلة من حسنه. ما هو إلا خال فى خدّ الظّرف، وطراز على علم الحسن، ووردة فى غصن الدهر، ونقش على خاتم الملك، وشمس فى فلك اللطف. هو قمر فى التصوير، شمس فى التأثير. منظر يملأ العيون، ويملك النفوس، زرافين أصداغه «٥» معاليق القلوب. كأنّ صدغه قرط من المسك على عارض البدر. وجهه عرس، وصدغه مأتم، ووصله جنة، وهجره جهنم. أصداغه قد اتخذت شكل العقارب، وظلمت ظلم الأقارب. إن كان عقرب صدغه تلسع، فترياق ريقه ينفع. كأن شاربه زئبر الخزّ الأخضر، وعذاره طراز المسك والعنبر [الأذفر] ، على الورد الأحمر. إذا تكلّم تكشّف حجاب الزمرّد والعقيق،