ما أنسانى سماع الأغانى من مطربات الغوانى «١» . نشأت سحابة من لفظك، غيمها نعمة سابغة، وغيثها حكمة بالغة، سقت روضة القلب، وقد جهدتها يد الجدب «٢» ؛ فاهتزّت وربت، واكتست ما اكتسبت.
كتاب حسبته ساقطا إلىّ من السماء، اهتزازا لمطلعه، وابتهاجا بحسن موقعه، تناولته كما يتناول الكتاب المرقوم، وفضضته كما يفضّ الرّحيق المختوم «٣» . كتاب كالمشترى شرف به المسير، وقميص يوسف جاء به البشير. كتاب هو من الحسن، روضة حزن، بل جنّة عدن، وفي شرح النفس وبسط الأنس برد الأكباد والقلوب، وقميص يوسف في أجفان يعقوب. قد أهديت إلىّ محاسن الدنيا مجموعة في ورقه، ومباهج الحلى والحلل محصورة في طبقه. كتاب ألصقته بالقلب والكبد، وشممته شمّ الولد.
ورد منك المسك ذكيا، والزهر جنيّا، والماء مريّا «٤» ، والعيش هنيّا، والسحر بابليّا «٥» كتاب مطلعه أهلّة الأعياد، وموقعه موقع نيل المراد.
كتاب وجدته قصير العمر، كليالى الوصال بعد الهجر، لم أبدأ به حتى استكمل، وقارب الآخر منه الأوّل. كتاب منتقض الأطراف، منقطع الأكتاف، أبتر الجوارح، مضطرب الجوانح، كتاب كأنه توقيع متحرّز، أو تعريض متبرز «٦» ، كاد يلتقى طرفاه، ويتقارب مفتتحه ومنتهاه. كتاب التقت طرفاه صغرا، واجتمعت حاشيتاه قصرا. ما أظننى