للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسجداً وإنْ لم يُبْنَ؛ لأنَّ المساجد جمع مَسْجِد، والمسْجِد مكان السُّجود، فيكون هذا أعمَّ من البناء.

ثالثاً: تعليل؛ وهو أنَّ الصَّلاة في المقبرة قد تُتَّخذ ذريعة إلى عبادة القبور، أو إلى التشبُّه بمن يعبدُ القُبور، ولهذا لمَّا كان الكُفَّار يسجدون للشَّمس عند طلوعها وغروبها، نَهى النبيُّ عن الصَّلاة عند طلوعها وغروبها (١) لئلا يُتَّخَذَ ذريعة إلى أن تُعبد الشَّمس من دون الله، أو إلى أن يُتَشبَّه بالكُفَّار.

وأمَّا مَنْ علَّل ذلك بأن عِلَّة النَّهي عن الصلاة في المقبرة خشية أن تكون المقبرة نجسة، فهذا تعليل عليل، بل ميِّت لم تَحُلَّ فيه الرّوحُ.

قالوا: لأنها ربما تُنبش وفيها صديد من الأموات ينجِّسُ التُّراب (٢).

فيُجابُ عنه بما يلي:

أولاً: أنَّ نبش المقبرة الأصل عدمُه.

ثانياً: من يقول إنك ستُصلِّي على تُراب فيه صديد؟

ثالثاً: مَنْ يقول: إنَّ صديد ميتة الآدمي نجس؟

رابعاً: أنه لا فرق عند هؤلاء بين المقبرة القديمة؛ والمقبرة الحديثة التي يُعلم أنها لم تُنبش؛ فكلُّ هذه المقدمات لا يستطيعون الجواب عنها؛ فيبطُل التَّعليل بها.


(١) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين: باب إسلام عمرو بن عبسة رقم (٨٣٢) عن عمرو بن عبسة.
(٢) انظر: «المغني» (٢/ ٤٧١)، «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>