للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزوجت بآخر، وهي ترضع ولدها من الزوج الأول، فللزوج الثاني أن يمنعها من إرضاع الولد؛ لأنها إذا اشتغلت بإرضاعه اشتغلت عن حقوق الزوج الثاني، فهو يقول: أنا لا أريد أن تشتغل بهذا الطفل الذي ليس مني عن حقوقي، فله الحق في منعها إلا في حال ذكرها المؤلف، وحال لم يذكرها، الحال التي ذكرها قال:

«ما لم يضطر إليها» أصل يضطر ـ يضترَّ ـ فقلبت التاء طاءً، فصارت يضطر، فإن اضطر إليها بحيث لم يقبل ثدي غيرها، أو لم يوجد من يرضعه فليس للزوج الثاني أن يمنع؛ لأن هذا من باب إنقاذ المعصوم من الهلكة، وهو أمر واجب.

الحال الثانية: إذا اشترطته عليه عند العقد قالت: أشترط عليك أن أرضع ابني من زوجي الأول، فليس له منعها؛ لأن ذلك شُرِط عليه، وقد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١] فأمر الله بالوفاء بالعقد، والوفاء بالعقد يشمل الوفاء بأصل العقد، والوفاء بصفة العقد، والشروط في العقود صفات فيها، والدليل الآخر: قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: ٣٤] والشروط عهد؛ لأن المشروط عليه متعهد بهذا الشرط، ودليله من السنة قوله : «إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» (١)، وقوله : «المسلمون على شروطهم إلاّ شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» (٢)، فإذا كانت هذه


(١) أخرجه البخاري في الشروط/ باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح (٢٧٢١) بلفظ: «أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»، ومسلم في النكاح/ باب الوفاء بالشروط في النكاح (١٤١٨) عن عقبة بن عامر .
(٢) سبق تخريجه ص (١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>