المتبرع: إذا تبرعت بكلية من كليتيك، ثم تعطلت الأخرى فإنه سيهلك، فيكون هو السبب في إهلاك نفسه، وذلك الآخر الذي طلبها إذا تركناه ومات، فقد قتله الله ﷿، وليس لنا فيه شيء، ولا يغرَّنَّك التحسين العقلي؛ لأن التحسين العقلي المخالف للشرع ليس تحسيناً، فكل ما خالف الشرع ليس بحسن، وإن زينه بعض الناس، فلا بد من الرجوع إلى الشرع.
وأما قياس ذلك على أخذ الدم فهو من القياس الفاسد؛ لأن الدم من حين ما يؤخذ يأتي بدله في الحال، والعضو إذا قطع لا يأتي، فهذا قياس مع الفارق.
مسألة: لو أن رجلاً تلفت كليته ورأى ما يسمى ببنك الكلى، فهل يجوز أن يشتري واحدة؟ نعم يجوز؛ لأن هذه الكلى الآن قطعت من أصحابها ولا يمكن أن تعود، فيجوز شراؤها.
وإذا قال قائل: إذا كان بين النطفة ونفخ الروح، مثل أن يكون علقة أو مضغة لكن ما نفخت فيه الروح، واضطررنا إلى تنزيله بحيث أنه لو بقي في بطن أمه لخشي عليها الهلاك فهل ننزِّلُه أو لا؟ نقول: في هذه الحال ننزله؛ لأنه إلى الآن ما نفخت فيه الروح، فإذا قال الأطباء: إنه يمكن أن تموت الأم بنسبة تسعين بالمائة، نقول: هذا لا بأس به؛ لأنه ليس في ذلك قتل نفس، ولهذا فالجنين في هذه المرحلة لو أنه نزل من بطن أمه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، بل يحفر له في أي مكان ويدفن؛ لأنه إلى الآن لم يكن إنساناً، ولا يبعث يوم القيامة؛ وتأمل هذا في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ