غير مضمونة؟ الفقهاء ﵏ يرون أنها مضمونة بكل حال، حتى لو شرط المستعير أنه لا ضمان عليه إذا تلفت فإن هذا الشرط لاغٍ؛ لأنه ينافي مقتضى العقد، إذ مقتضى العقد الضمان مطلقاً، وكل شرط ينافي مقتضى العقد فإنه شرط لاغٍ، وقد مر هذا الضابط في باب الشروط في البيع.
مثال ذلك: إنسان استعار من شخص عشرين فنجالاً، والفنجال من الزجاج، يمكن أن ينكسر، فقال المستعير: لا ضمان عليَّ إن تكسرت الفناجيل، فوافق المعير، ثم تكسرت، فعند الفقهاء ﵏ يضمن ولو كان قد شرط أن لا يضمن ورضي بذلك المالك؛ لأن هذا الشرط ـ على كلامهم ـ مخالف لمقتضى العقد، فيكون داخلاً فيما أبطله النبي ﷺ بقوله:«كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط»(١).
القول الثاني: أنها لا تضمن إلا بشرط الضمان، وإلا فلا ضمان إلا بتعدٍّ أو تفريط، يعني أنه إن اشترط مالكها على المستعير أن يضمنها ضمنها، وإلا فلا ما لم يتعدَّ أو يفرط.
القول الثالث: أنها تضمن إلا إذا شرط عدم الضمان.
والصواب: أن العارية كغيرها من الأمانات؛ لأنها حصلت بيد المستعير على وجه مأذون فيه، وما ترتب على المأذون فليس بمضمون، فيد المستعير يد أمانة، ليست يد خيانة، وإذا كانت يد أمانة فلا ضمان على الأمين، ووجه كونها يد أمانة أن هذه العارية