قلنا: الدليل القياس على الجماع؛ لأنها فعل موجب للغسل مع الإنزال، فأوجب الفدية كالجماع، وليس فيها نص ولا أقوال للصحابة.
لكن هذا القياس ضعيف؛ لأنه كيف يقاس فرع على أصل يخالفه في أكثر الأحكام، فالمباشرة مع الإنزال لا توافق الجماع إلا في مسألة واحدة وهي وجوب الغسل، فلا توافقه في فساد النسك، ولا في وجوب قضائه، ولا في فساد الصيام ـ على قول بعض أهل العلم ـ وحينئذٍ يقال: ما السبب في أنك ألحقتها به في هذا الحكم، مع أنها تخالفه في أحكام أخرى، فلماذا لا تجعلها مخالفة له في هذا الحكم كما خالفته في الأحكام الأخرى؟!
فالصحيح أن المباشرة لا تجب فيها البدنة، بل فيها ما في بقية المحظورات.
قوله:«لكن يحرم من الحل لطواف الفرض»، يظهر أن هذا سَبْقُ قلم من الماتن ﵀؛ لأن هذا الحكم المستدرك لا ينطبق على المباشرة، بل ينطبق على الجماع بعد التحلل الأول، والإنسان بشر، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]، فهذه العبارة الأصح أن تنقل إلى الجماع بعد التحلل الأول، فهو الذي ذكر أهل العلم أنه يفسد به الإحرام، وأنه يجب أن يخرج إلى الحل؛ ليحرم منه فيطوف محرماً.