للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجئت فسطاط عبد الله بن سعد فطلبت الإذن عليه من حاجبه فقال:

إنه في شأنكم وقد أمرني أن أمسك الناس عنه، قال: فدرت فأتيت مؤخر الفسطاط فرفعته فإذا هو مستلق على فراشه، ففزع وقال: ما أدخلك عليّ يا ابن الزبير؟ فقلت: انه كلّ أزبّ نفور، إني رأيت عورة من عدونا فرجوت الفرصة منها وخشيت فوتها، فاندب الناس لي، قال: وما هي؟ فأخبرته فقال: فرصة وعورة لعمري، ثم خرج فقال: أيها الناس انتدبوا مع ابن الزبير إلى عدوكم. فاخترت ثلاثين فارسا وقلت: إني حامل فاضربوا عن [١] ظهري فاني سأكفيكم من ألقى إن شاء الله تعالى، فحملت في الوجه الذي هو فيه وحملوا فذبّوا عني حتى حزتهم إلى أرض خالية وتبيّنني فصمدت صمده، فو الله ما حسب إلا [٢] أني رسول ولا ظنّ أكثر أصحابه إلا ذاك، حتى رأى ما بي من السلاح فثنى برذونه هاربا. فأدركته فطعنته فسقط، فرميت بنفسي عليه، واتقت جاريتاه عنه السيف فقطعت يدا إحداهما، وأجهزت عليه ثم رفعت رأسه في رمحي، وجال أصحابه، وحمل المسلمون في ناحيتي وكثروا [٣] ، فقتلوهم كيف شاءوا وكانت الهزيمة.

«١٠٧٥» - لما كان يوم مسكن وهرب الناس عن مصعب بن الزبير، دخل على سكينة بنت الحسين، وكانت شديدة المحبة له، وكانت تخفي ذلك عنه، فلبس غلالة وتوشح عليها وانتضى السيف، فلما رأت ذلك علمت أنه عزم على أن لا يرجع، فصاحت من ورائه واحرباه، فالتفت إليها وقال: أو هذا لي في قلبك؟ فقالت: أي والله وأكثر من هذا، فقال: أما لو علمت


[١] م: على.
[٢] م: ما حسبني إلا.
[٣] م: وكبروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>