للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فألقى إلينا عذرة لا نردّها ... وكان ملقّى حجة اللؤم والبخل

«٧٩١» - كان رجل من البخلاء قد أفرط في البخل حتى صار مثلا، فأتى جارا له من الزهاد فجعل يشكو إليه البخل وما قد يلي به منه وأنه لا حيلة له فيه، فقال له الزاهد: لهذا القول كلام في الجواب طويل، ولكني أقول لك: إنك على ما وصفت من أنك لا تجود على نفسك بفلس غير بخيل، لأنّ البخيل يعطي ويمنع، وأنت تعطي كلّ مالك، فقال له البخيل: وكيف ذاك مع ما وصفت لك؟ قال: لأنك توفّره كلّه على من تخلّف. قال فرجع والله البخيل عن خلقه وعدّ من الأجواد.

«٧٩٢» - قيل: كان أسيد بن عنقاء الفزاري من أكثر الناس مالا وأشدّهم عارضة ولسانا، فطال عمره، ونكبه دهره، واختلت حاله، فخرج عشية يتبقّل لأهله، فمرّ به عميلة الفزاريّ فسلّم عليه وقال: يا عمّ ما أصارك إلى ما أرى من حالك؟ فقال بخل مثلك بماله، وصوني وجهي عن مسألة الناس، فقال: والله لئن بقيت إلى غد لأغيرنّ من حالك، فرجع ابن عنقاء إلى أهله فأخبرها بما قال له عميلة، فقالت: لقد غرّك كلام غلام جنح ليل، فكأنما ألقمت فاه حجرا، فبات متململا بين رجاء ويأس، فلما كان السحر سمع ثغاء الشاء ورغاء الابل وصهيل الخيل ولجب الاموال، فقال: ما هذا؟

فقالوا: هذا عميلة ساق إليك ماله، قال: فاستخرج ابن عنقاء ثم قسم ماله شطرين وساهمه عليه، وأنشأ ابن عنقاء يقول: [من الطويل]

رآني على ما بي عميلة فاشتكى ... إلى ماله حالي أسرّ كما جهر

<<  <  ج: ص:  >  >>