للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تساقى الناس بعدك يا ابن عوف ... ذريع الموت ليس له شفاء

ألم تقم علينا الساعة يوم قامت عليه؟ لا والله لا أسمع منك شيئا، ولا أنفعك بنافعة أبدا، أخرجوه عنّي. فقال له القرشيون والشاميون: وما الذي أعطاك [١] حتى استخرج هذا منك؟ قال: أم والله لقد أعطاني غيره أكثر من عطيته، ولكن لا والله ما أعطاني أحد قط أحلى في قلبي ولا أبقى شكرا ولا أجدر ألّا أنساه، ما عرفت الصلات، من عطيّته. قالوا: وما أعطاك؟

قال: قدمت المدينة ومعي بضيّعة لي لا تساوي عشرة دنانير أريد أن أبتاع قعودا من قعدان الصدقة، فإذا برجل بصحن السوق على طنفسة قد طرحت له، وإذا الناس حوله، وإذا بين يديه إبل معقولة، فظننت أنه عامل السوق، فسلّمت عليه فأثبتني وجهلته، فقلت له: رحمك الله، هل أنت معيني ببصرك على قعود من هذه القعدان تبتاعه لي؟ فقال: نعم، أو معك ثمنه؟ فقلت: نعم، فأهوى بيده إليّ فأعطيته بضيّعتي، فرفع طنفسته فألقاها تحتها، ومكث طويلا، ثم قمت إليه فقلت: أي رحمك الله انظر في حاجتي، فقال: ما منعني منك إلا النسيان، أمعك حبل؟ قلت: نعم قال: هكذا أفرجوا، فأفرجوا حتى استقبل الابل التي بين يديه، فقال: اقرن هذه وهذه [٢]-، فما برحت حتى أمر لي بثلاثين بكرة، أدنى بكرة فيها- ولا دنيّة فيها [٣]- خير من بضاعتي ثم رفع طنفسته فقال: شأنك ببضاعتك فاستعن بها على من ترجع إليه، فقلت: رحمك الله أتدري ما تقول؟ فما بقي عنده إلّا من نهرني وشتمني، ثم بعث معي نفرا فأطردوها حتى أطلعوها في رأس الثنية، فو الله لا أنساه ما دمت حيا أبدا.


[١] الأغاني: أعطاك طلحة.
[٢] زاد في الأغاني: أدنى بكرة فيها.
[٣] النص مضطرب في النسخ، وأثبت ما في الأغاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>