للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مفرغ الحميري: إني قد توجهت إلى سجستان فالحق بي، فلعلك إن قدمت عليّ ألا تندم ولا تذم [١] رأيك، فتجهز ابن مفرغ وخرج حتى قدم سجستان ممسيا، فدخل عليه وشغله بالحديث وأمر له سرا بمنزل وفرش وخدم، وجعل يطاوله حتى علم أنه قد استتم ما أمر له به، ثم صرفه إلى المنزل الذي هيّىء له، ثم دعا به في اليوم الثاني فقال له: يا ابن مفرغ إنك قد تجشمت إليّ شقة بعيدة، واتسع لك الأمل فرحلت إليّ لأقضي عنك دينك وأغنيك عن الناس، وقلت: أبو حاتم بسجستان فمن لي بالغنى بعده؟

فقال: والله ما أخطأت أيها الأمير ما كان في نفسي، فقال عبيد الله: أم والله لأفعلنّ، ولأقلّنّ لبثك عندي ولأحسننّ صلتك، وأمر له بمائة ألف درهم ومائة وصيف ومائة وصيفة ومائة نجيبة، وأمر له بما ينفقه إلى أن يبلغ بلده سوى المائة الألف، وبمن يكفيه الخدمة من غلمانه ومواليه، وقال له: إن [من] خفّة السفر أن لا تهتم بخفّ ولا حافر، فكان مقامه عنده سبعة أيام، ثم ارتحل وشيعه ابن أبي بكرة أربعة فراسخ، ثم قال له: يا ابن مفرغ انه ينبغي للمودّع أن ينصرف، وللمتكلم أن يسكت، وأنا من قد عرفت، فأنفق على الأمل وعلى حسن ظنك بي ورجائك فيّ، فإذا بدا لك أن تعود فعد، والسلام.

«٧٨٦» - ولزم يزيد بن مفرّغ غرماؤه بدين فقال لهم: انطلقوا نجلس على باب الأمير عسى أن يخرج الأشراف فيروني فيقضوا عني، فانطلقوا به، فكان أول من خرج إما عمر بن عبيد الله بن معمر وإما طلحة الطلحات، فلما رآه قال: أبا عثمان ما أقعدك ها هنا؟ قال: غرمائي هؤلاء لزموني بدين لهم عليّ، قال: وكم هو؟ قال: سبعون ألفا، قال: علي منها عشرة آلاف، ثم خرج الآخر على الأثر فسأله كما سأل صاحبه قال: هل خرج قبلي أحد؟


[١] الأغاني: يذم.

<<  <  ج: ص:  >  >>