للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الابل؟ فقال: يا أبت [١] طوقتك بها طوق الحمامة مجد الدهر وكرما، لا يزال الرجل يحمل بيت شعر [٢] أثنى به علينا عوضا من إبلك، فلما سمع أبوه ذلك قال: أبإبلي فعلت ذلك؟ قال: نعم، قال: والله لا أساكنك أبدا، فخرج أبوه بأهله وترك حاتما ومعه جاريته وفرسه وفلوها، فقال يذكر تحول أبيه عنه (والشعر يدلّ على أنه جده لأنه حاتم بن عبد الله بن سعيد بن الحشرج) :

[من الطويل]

إنّي لعفّ الفقر مشترك الغنى ... وتارك شكل لا يوافقه شكلي

وشكلي شكل لا يقوم لمثله ... من الناس إلا كلّ ذي نيقة مثلي

وأجعل مالي دون عرضي جنّة ... لنفسي وأستغني بما كان من فضلي

وما ضرّني أن سار سعد بأهله ... وأفردني في الدار [٣] ليس معي أهلي

قالوا: فبينا حاتم يوما بعد أن أنهب ماله ووهبه نائم إذ انتبه، وإذا حوله [٤] نحو من مائتي بعير تجول ويحطم بعضها بعضا [٥] فساقها إلى قومه فقالوا: يا حاتم أبق على نفسك، فقد رزقت مالا، ولا تعودنّ إلى ما كنت عليه من الإسراف، قال: فإنها نهبى بينكم، فانتهبت فأنشأ حاتم يقول: [من الطويل]

تداركني جدّي بسفح متالع ... فلا يأمنن ذو نومة أن يغنّما

وأقبل ركب من بني أسد ومن قيس يريدون النعمان، فلقوا حاتما فقالوا له: إنا تركنا قومنا يثنون عليك خيرا، وقد أرسلوا إليك برسالة، قال: وما هي؟ فأنشده الأسديون شعرا لعبيد، وأنشده القيسيون شعرا للنابغة، فلما أنشدوه قالوا: إنا لنستحيي أن نسألك شيئا وإنّ لنا لحاجة، قال: وما


[١] ر: يا أبه.
[٢] م: بيتأ من الشعر.
[٣] م: البرّ.
[٤] م: إذ انتبه وحوله.
[٥] م: بعضها على بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>