للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منك، والدعاء لك، لأنك خوّلتني الغنى وألبستني النعمى في الزمان الصعب والحال التي يجفوني في مثلها الحميم، فجزاك الله عنّي وعن ولدي أفضل الجزاء، فقال الحسن: والهفاه على أن لا يكون ذلك المعروف أضعاف ما كان، لادرّ درّ الفوت وتعسا للندم وأحواله، ولله درّ الخريميّ حيث يقول:

[من الطويل]

ودون الندى في كلّ قلب ثنية ... لها مصعد حزن ومنحدر سهل

وودّ الفتى في كلّ نيل ينيله ... إذا ما انقضى لو أنّ نائله جزل

ثم قال لي أبي: يا محمد اخرج معه، أعزه الله، حتى تؤدّيه إلى منزله، قال أبو الحسين: فخرجت معه، فلم أزل أحدّثه حتى جرى ذكر رزين العروضيّ الشاعر، وكان قد امتدحه بقصيدة، فمات رزين من قبل أن يوصلها إلى الحسن، فقلت: أعزّ الله الأمير، كان شاعرا ومن أهل العلم، مدح الأمير بقصيدة هي في العسكر مثل ومات قبل أن ينشدها، قال: فأسمعنيها أنت، فأنشدته:

قرّبوا جمالهم للرحيل ... غدوة أحبّتك الأقربوك

خلّفوك ثم مضوا مدلجين ... مفردا بهمّك ما ودّعوك

وهي ستون بيتا على غير وزن العروض.

قال أبو الحسين: فأنا والله أنشده، ودموعه تهمي على خده وتقطر على نحره، ثم قال: والله ما أبكي إلّا على قصور الأيام عنّا وبنا عنه، ثم جعل يتلهّف وقال: فما الذي منعه من اللقاء: تعذّر الحجاب أم قعود الأسباب؟

فقلت له: اعتلّ، جعلني الله فداك؛ فجعل يترحّم عليه ترحّم الرجل على أخيه ثم قال: والله لا أكون أعجز من علقمة قال: فوالله ما دريت ما عنى، فقلت: جعلني الله فداك: ومن علقمة؟ قال: علقمة بن علاثة حيث مات قبل وصول الحطيئة بالقصيدة التي رحل بها إليه حيث يقول: [من الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>