للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سبيل الله، فيد مقبوضة وأخرى مقصورة، والرؤوس تنزو «١» عن الطلى والكواهل، كما ينقف التنّوم «٢» ، فما أبعد نصر الله من الظالمين، وأستغفر الله تعالى مع المستغفرين، والحمد لله ربّ العالمين.

وإن في هذه الخطب التي ذكرناها للنساء بيانا عن فضيلة العرب بما خصّهم الله تعالى من النطق والبيان، وميّزهم فيه على سائر الأمم.

[٦٣٥]- قال الجاحظ: لا تعرف الخطب إلا للعرب والفرس؛ فأما الهند فلهم معان مدوّنة وكتب مخلّدة، لا تضاف إلى رجل معروف ولا إلى عالم موصوف، وإنما هي كتب متوارثة، وآداب على وجه الدهر مذكورة.

ولليونانيين فلسفة وصناعة منطق. وكان صاحب المنطق نفسه بكيء اللسان، غير موصوف بالبيان، مع علمه بتمييز الكلام وتفصيله ومعانيه وخصائصه. وهم يزعمون أنّ جالينوس كان أنطق الناس، ولم يذكروه بالخطابة، ولا بهذا الجنس من البلاغة.

وفي الفرس خطباء إلا أنّ كلّ كلام للفرس وكلّ معنى للعجم فإنما هو عن طول فكرة، وعن اجتهاد [رأي وطول] خلوة، وعن مشاورة ومعاونة، وعن طول التفكر ودراسة «٣» الكتب وحكاية الثاني علم الأوّل، وزيادة الثالث في علم الثاني، حتى اجتمعت ثمار تلك الفكر عند آخرهم.

وكلّ شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليست هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة، وإنما هو [أن] يصرف وهمه


[٦٣٥] البيان والتبيين ٣: ٢٧- ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>