للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متأجّج سعيرها، بعيد خمودها، ذاك وقودها، مخوف وعيدها، عميق «١» قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدورها، فظيعة أمورها وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً

(الزمر: ٧٣) قد أمن العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النّار واطمأنّت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، وأعينهم باكية، وكان ليلهم في دنياهم نهارا تخشّعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا توحّشا وانقطاعا، جعل «٢» الله لهم الجنّة ثوابا، وكانوا أحقّ بها وأهلها في ملك دائم ونعيم قائم. فارعوا عباد الله ما برعايته يفوز فائزكم، وبإضاعته يخسر مبطلكم، وبادروا آجالكم بأعمالكم، فإنكم مرتهنون بما أسلفتم، ومدينون بما قدمتم، وكأن قد نزل بكم المخوف فلا رجعة تنالون، ولا عثرة تقالون، استعملنا الله وإياكم بطاعته وطاعة رسوله، وعفا عنّا وعنكم بفضل رحمته. الزموا الأرض واصبروا على البلاء، ولا تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما يؤتى «٣» من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته لسيفه، فإنّ لكلّ شيء مدة وأجلا.

[٦١٤]- وخطب لما ورد عليه مقتل محمد بن أبي بكر وغلبة أصحاب معاوية


[٦١٤] تجمع هذه الخطبة بين ما جاء في النهج: ٤٠٨ (في رسالة إلى عبد الله بن عباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر) وما جاء فيه ص: ٨١- ٨٢ (مع اختلافات واضحة) ، ويتفق ما أورده صاحب التذكرة مع ما جاء في نثر الدر ١: ٣١٤- ٣١٥ والأخبار الموفقيات: ٣٤٨ وتاريخ الطبري ٥/١٠٨ (تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>