وشاع هذا الشعر حتى بلغ معاوية فأمسك عنه، حتى إذا كان يوم الجمعة دخل عليه الناس وفيهم أبو دهبل، فقال معاوية لحاجبه: إذا أراد أبو دهبل الخروج فامنعه واردده إليّ، وجعل الناس يسلّمون وينصرفون، فقام أبو دهبل لينصرف، فناداه معاوية: يا أبا دهبل هلمّ إليّ، فلما دنا أجلسه حتى خلا به، ثم قال: ما ظننت في قريش أشعر منك حيث تقول:
ولقد قلت إذ تطاول ليلي
وذكر بعض الأبيات، وو الله إنّ فتاة أبوها معاوية، وجدّها أبو سفيان، وجدتها هند بنت عتبة لكما ذكرت، فأيّ شيء زدت في قدرها، ولقد أسأت والله في قولك:«ثم خاصرتها إلى القبّة الخضراء» . فقال له يا أمير المؤمنين: والله ما قلت هذا، وإنما قيل على لساني، فقال له معاوية: أما من جهتي فلا خوف عليك لأني أعلم صيانة ابنتي نفسها، وأعلم أن فتيان الشعراء لم يتركوا أن يقولوا النسيب في كلّ من جاز أن يقولوه فيه، وكل من لم يجز، وإنما أكره لك جوار يزيد، وأخاف عليك وثباته، فإنّ له سورة الشباب وأنفة الملوك. وإنما أراد معاوية أن يهرب أبو دهبل وتنقضي القالة عن ابنته. فحذر أبو دهبل وخرج إلى مكة هاربا على وجهه، وكان يكاتب عاتكة، فبينما معاوية ذات يوم في مجلسه إذ جاء