للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخ في هذا الباب يعتقد أن التوحيد ينبني على أن الله واحد في ألوهيته، لا إله حق إلا هو، وألوهية الله تعالى هي مجموع عبادته على مراده نفيًا وإثباتًا، علمًا وعملًا، جملةً وتفصيلًا، وحاصل ما يقول الشيخ في تعريف هذا التوحيد: أن التوحيد اسم لفعل العبد المأمور به، فإن كانت أعماله التعبدية كلها لله وحده، فهو موحد، وإن كان فيها شرك للمخلوق، فهو مشرك، فالتوحيد: هو إفراد الله بجميع أنواع العبادة، لا يشركه فيها أحد، ولا يستحق العبادة أحد إلا الله، فعبادة الله خالصة له، لا يستحق شيئًا منها ملك مقرب، ولا نبي مرسل.

ويقول الشيخ -رحمه الله تعالى- في تلخيصه عن ابن تيمية كلامًا جميلًا في ذلك:

إذا كان الكلام في سياق التوحيد، ونفي خصائص الرب عما سواه، لم يجز أن يقال هذا سوء عبارة في حق من دون الله من الأنبياء والملائكة، فإن المقام أجل من ذلك، وكل ما سوى الله يتلاشى عند تجريد توحيده، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان من أعظم الناس تقريرًا لِمَا يقال على هذا الوجه، وإن كان هو المسلوب كما قالت عائشة -رضي الله عنها - لَمَّا أخبرها ببرائتها: "والله، لا أقوم إليه ولا أحمده، ولا أحمد إلا الله" وفي لفظ: "بحمد الله لا بحمدك" فأقرها -صلى الله عليه وآله وسلم- وأبوها على ذلك؛ لأن الله سبحانه الذي أنزل براءتها بغير فعل أحد، قال حيان: قلت لابن المبارك: إني لأستعظم هذا القول، قال: ولَّت الحمد أهله.

الشاهد من هذا الكلام: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أقر أم المؤمنين عائشة لما قالت: "لا أقوم إلا إلى الله، ولا أحمد إلا الله" وهذا الكلام يذكره الشيخ ابن عبد الوهاب - رحمه الله تبارك وتعالى- ليبين كيف يكون التوحيد وهو عند خيار الناس كذلك.

<<  <   >  >>