إذا أردت البحث عن هدي الله الذي جاء من عِنده، فإنك تبتدي بالأسهل فالأسهل، وأسهل ما يكون وأهمه القصص التي قص الله علينا عن الأنبياء وأممهم، وأول ما تبدي به من القصص التي قص الله، قصة أبيك آدم وإبليس، وما ذكر الله عنهم، حيث إن آدم -عليه السلام- اعترف بذنبه وتاب منه، وقد تاب الله -تبارك وتعالى عليه- وأكثر الناس يظنون أن الاعتراف بالذنب مذلة، ويستهزئون بمن أقر بذنبه واعترف وتاب منه، وإبليس -لعنه الله- لما احتج بالقدر ولم يعترف بذنبه، طرده الله -تبارك وتعالى- وأصبح يائسًَا من رحمة الله، فرجوع آدم واعترافه بذنبه أفضل ما فعله، وعلينا أن نقتدي بذلك.
ويقول ابن عبد الوهاب أيضًا مبينًا مثل هذه المواقف في البدء بالعلم، والتدرج فيه:
ينبغي للمعلم أن يعلم الإنسان على قَدر فَهمه، فإن كان ممن يقرأ القرآن، أو عرف أنه ذكي، فيُعلم أصل الدين وأدلته، والشرك وأدلته، ويقرأ عليه القرآن، ويجتهد أنه يفهم القرآن فهم قلب، وإن كان رجلًا متوسطًا في الذِّكر والفَهم، ذكر له بعض هذا، وإن كان مثل غالب الناس ضعيف الفهم، فيُصرح له بحق الله على العبيد كما ذكر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لمعاذ.
ويبين الشيخ -رحمه الله- أن من أساليب العلماء أنهم يخرجون المسألة للمتعلم بالاستفهام عنها، كما فعل -صلى الله عليه وآله وسلم- مع أصحابه لَمَّا قال لهم في يوم من الأيام بعد صلاة صبح:((أتدرون ماذا قال ربكم)) وذلك في حديث زيد بن خالد الذي يقول: ((صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاة الصبح بالحديبية، وذلك على أثر سماء -يعني: مطر- كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟)) فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان من أسلوبه في التعليم أن يسأل أولًا؛ لكي يستحثَّ المستمعَ إلى أن يستمع الجواب، وأن يفهمه.