عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- وهو يعسُّ بالمدينة، إذ أعياه، فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: يا ابنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامزقيه بالماء، فقالت لها ابنتها: يا أمتاه؛ أو علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، فقالت: وما كان من عزمته يا بنية؟ قالت: إنه أمر مناديه فنادى؛ ألا يُشَابَ اللبن بالماء، فقالت لها: يا بنتاه، قومي إلى اللبن فامزقيه بالماء؛ فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر، فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه، والله، ما كنت لأطيعه في الملأ، وأعصيه في الخلا، وعمر يسمع كل ذلك، فقال: يا أسلم عَلِّمِ البابَ، واعرف الموضع، ثم مضى في عسسه، فلما أصبح قال: يا أسلم، امضِ إلى ذلك الموضع، فانظر من القائلة، ومن المقول لها، وهل لهم من بعل؟ قال أسلم: فأتيت الموضع فنظرت، فإذا الجارية أيم لا بعل لها، وإذا أمها ليس لها رجل، فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته، فدعا عمر ولده فجمعهم فقال: هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟ فقال عبد الله: لي زوجة. وقال عبد الرحمن -أيضًا ابنه-: لي زوجة. وقال عاصم: يا أبتاه، لا زوجة لي، فزوجني، فبعث إلى الجارية فزوجها، فولدت لعاصم بنتًا، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز".
كذلك نسبه العلماء -كما ذكر ابن الجوزي- عن محمد بن سعد -رحم الله تبارك وتعالى الجميع.
ب- بعنوان "أخلاقه وآدابه وعلو همته -رحمه الله -تبارك وتعالى":
وقفت في الحقيقة على كلمات جميلة دقيقة للإمام الحافظ الذهبي -رحمه الله تبارك وتعالى- أحب أن أوردها هنا، وأسمعها لكم -أيها الأبناء الأعزاء- في بداية كلمتي عن أخلاقه وآدابه وعلو همته؛ قال الذهبي -رحمه الله-: قد كان هذا الرجل حسن الْخَلْق والْخُلْق، كامل العقل، حسن السمت، جيد السياسة،