للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك، فطريقتهم فيه التوقف في لفظه، فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك، وأما معناه فيستفصلون عنه فإن أريد به باطل يُنزه الله عنه ردوه، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه).

فيقتصرون في ذلك على ما ورد، فلا يثبتون ولا ينفون إلا بالألفاظ الشرعية التي أثبتها أو نفاها الشارع، وإذا تكلم بغيرها استفسر واستفصل، فإن وافق المعنى الذي أثبته الشرع أثبته باللفظ الشرعي، فاعتصموا بالشرع ألفاظًا ومعني، وهذه سبيل من اعتصم بالعروة الوثقي.

لكن ينبغي أن يعرف الأدلة الشرعية إسناد ومتنًا؛ فالقرآن معلوم ثبوت ألفاظه، فينبغي أن يعرف وجوه دلالته، والسنة ينبغي معرفة ما ثبت منها وما علم أنه كذب.

وقد يتذرع البعض بإثبات بعض الصفات بدعوى أنها جاءت في أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويتمسك بها رغم أنها جاءت من طرق واهية باطله، وهذه هي أحد جنايات الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات التي ابتلينا بها وغزت الكثير من كتب القصص والأخبار حتى كتب التفسير والحديث.

قال ابن تيمية: "فإن طائفة ممن انتسب إلى السنة، وعظم السنة والشرع، وظنوا أنهم اعتصموا في هذا الباب بالكتاب والسنة، جمعوا أحاديث وردت في الصفات، منها ما هو كذب معلوم أنه كذب، ومنها ما هو إلى الكذب أقرب، ومنها ما هو إلى الصحة أقرب، ومنها متردد، وجعلوا تلك الأحاديث عقائد، وصنفوا مصنفات، ومنهم من يكفر من يخالف ما دلت عليه تلك الأحاديث (١).

وأعطى ابن تيمية أمثلة على هذا القسم فقال: "وهذه الأحاديث قد ذكر بعضها القاضي أبو يعلى في كتاب "إبطال التأويل"، مثل ما ذكر في حديث المعراج حديثًا


(١) انظر دقائق التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية ٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>