للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتن

قال المصنف رحمه الله: "وقد تقدم أن كل كمال ثبت لمخلوق فالخالق أولى به، وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أولى بتنزيهه عن ذلك. والسمع قد نفى ذلك في غير موضع كقوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ} والصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب. وهذه السورة هي نسب الرحمن، وهي الأصل في هذا الباب.

وقال في حق المسيح وأمه: {مَا الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة الآية: ٧٥ [فجعل ذلك دليلا على نفي الألوهية، فدل ذلك على تنزيهه عن ذلك بطريق الأَوْلَى والأحرى.

والكبد والطحال ونحو ذلك هي أعضاء الأكل والشرب، فالغني المنزه عن ذلك منزه عن آلات ذلك، بخلاف اليد فإنها للعمل والفعل، وهو سبحانه وتعالى موصوف بالعمل والفعل، إذ ذلك من صفات الكمال، فمن يقدر أن يفعل أكمل ممن لا يقدر على الفعل.

وهو سبحانه منزه عن الصاحبة والولد وعن آلات ذلك وأسبابه، وكذلك البكاء والحزن هو مستلزم للضعف والعجز، الذي ينزه الله عنه، بخلاف الفرح والغضب فإنه من صفات الكمال، فكما يوصف بالقدرة دون العجز، وبالعلم دون الجهل، وبالحياة دون الموت، وبالسمع دون الصمم، وبالبصر دون العمى، وبالكلام دون البكم- فكذلك يوصف بالفرح دون الحزن، وبالضحك دون البكاء، ونحو ذلك".

الشرح

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أيضاً: ((فكل كمال لا نقص فيه بوجه ثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>