القسم الثالث: يمسكون عن هذا كله ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث، معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات.
وهذا القسم هم أصحاب الجهل البسيط الذين يمسكون عن هذا كله، ويقولون: نحن نقرأ القرآن ولا نتجاوز قراءة النص، ونُعرض عن هذا كله، وهذا يعني لا شك أنه إعراض عن ذكر الله سبحانه وتعالى.
والقول بالتفويض لم يكن معروفاً عند الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، وبخلاف القول بالتأويل فهو السائد بين طوائف المعطلة جميعاً، بل إن تأويلات الأشاعرة بعينها هي تأويلات الجهمية.
وظهور مقالة التفويض إنما هو مرتبط بالقسم الثالث وهم الصفاتية والمقصود بهم الكلابية والأشاعرة والماتريدية وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"كان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:
فأهل السنة والجماعة يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.
والجهمية من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا وهذا" (١).
ولبيان علاقة القول بالتفويض لمعاني النصوص بالصفاتية ومن وافقهم، فهذه العلاقة تتضح من خلال تعامل هؤلاء مع نصوص الكتاب والسنة حيث تمثل هذا التعامل في أن نفاة الصفات الاختيارية يتلخص قولهم في النقاط الآتية:
أولاً: يثبتون الصفات التي يسمونها عقلية وهي الحياة والعلم والقدرة