للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين المصنف أن ذم السلف للمعطلة لم يكن المقصود به ذم التأويل مطلقًا، فهذا لم يكن مرادهم وإنما المراد ذم تأويلاتهم الباطلة سواء فيما يتعلق بالتأويل الذي هو التفسير حيث أولوا معاني نصوص الاستواء كقولهم استوى استولى، واليد بمعنى النعمة أو القدرة ونحو ذلك. أو بخوضهم في كيفية صفات الله وحقائقها.

المسألة الثالثة عشرة: غلط من ينفي التأويل مطلقا.

قول المصنف: "ومن لم يعرف هذا اضطربت أقواله، مثل طائفة يقولون: إن التأويل باطل، وإنه يجب إجراء اللفظ على ظاهره؛ ويحتجون بقوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} ويحتجون بهذه الآية على إبطال التأويل.

وهذا تناقض منهم، لأن هذه الآية تقتضي أن هناك تأويلا لا يعلمه إلا الله، وهم ينفون التأويل مطلقًا".

يتحدث المصنف هنا عن صنف من المعطلة وهم أهل التجهيل وهو دعوى التوقف في معنى النصوص، فيقولون: «الله أعلم بمراده» (١)، فهذه حقيقة الأمر على رأي هؤلاء المتكلمين.

وحقيقة رأيهم يدور بين التأويل وبين التفويض، أي بين التحريف أو التجهيل، فالتفويض في حقيقته هو دعوى الجهل والتوقف في معاني النصوص، وأن هذه النصوص لا يعلم معناها، وهذا أمرٌ لو طبق في الواقع فلا يمكن أن يطبق، فهل يعقل أنه لا يمكن التفريق بين «استوى» و «نزل»؟ هل نقرأ قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: ٥] فلا نفهم المراد من هذه الآية وتقرأ مثلاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» (٢) فلا نفهم مراده.


(١) انظر كتاب درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية الجزء الأول صفحة (٢٠١).
(٢) انظر صحيح البخاري كتاب التهجد، بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، برقم (١١٤٥)، ومسلم كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَالْإِجَابَةِ فِيهِ (٧٥٨)، وأبو داود (١٣١٥)، والترمذي (٤٤٦)، وابن ماجه (١٣٦٦)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٧٥٠٩)، والدارمي (١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>