للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك".

والإحكام الخاص: الوارد في النصوص المقصود به: "هو الفصل بينهما بحيث لا يشتبه أحدهما بالآخر".

فالمحكم بهذا المعنى هو: ما اتضح المراد منه.

والمتشابه بهذا المعنى: ما لم يتضح المراد منه لبعض دون بعض.

ثانيًا: الفوارق بين النوعين.

الفرق الأول: أن الله -جل وعلا- ذكر أن المحكم أكثر من المتشابه؛ لأنه سمى المحكم أم الكتاب -يعني معظم الكتاب، وغالب الكتاب-، ومعنى هذا أن الغالب على آيات القرآن الوضوح والبيان.

والمتشابه قليل؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران الآية: ٧].

الفرق الثاني: أن الله -جل وعلا- ذكر أن الناس أمام المتشابه صنفان:

الصنف الأول: صنف زائغ يتبع المتشابه، ويحرص عليه، ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله؛ ولهذا قال -تعالى-: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْه} [آل عمران الآية: ٧]، ينقبون عن المتشابهات ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله.

الصنف الثاني: سماهم الله الراسخين في العلم، هؤلاء الذين يردون المتشابه للمحكم، فإذا رُدَّ المتشابه للمحكم اتضح المتشابه، يزول التشابه، وأيضا يعرفون أن خطابهم بالمتشابه اختبار وابتلاء: هل يؤمنون بما لا يعرفون، أو لا يؤمنون؟ والحقيقة أنهم يؤمنون؛ لأنهم ماذا يقولون؟ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران الآية: ٧].

من الأمثلة: قول الله -تعالى-: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء} [النحل الآية: ٩٣ [قد يقرأ هذه الآية إنسان في قلبه مرض -والعياذ بالله-، فيظن أن هداية الله -تعالى- وإضلاله جزاف؛ لأنه قال: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء} [النحل الآية: ٩٣ [

<<  <  ج: ص:  >  >>