استوى، كما ذكر أنه قدر فهدى، وأنه بنى السماء بأيد، وكما ذكر أنه مع موسى وهارون يسمع ويرى، وأمثال ذلك.
فلم يذكر استواءً مطلقا يصلح للمخلوق، ولا عاما يتناول المخلوق، كما لم يذكر مثل ذلك في سائر صفاته، وإنما ذكر استواءً أضافه إلى نفسه الكريمة".
فالقول في إثبات الاستواء صفة لله تعالى كالقول في باقي الصفات هو أن يثبت لله تعالى على الوجه المختص واللائق به، ومن ذلك أن الله في استوائه كما هو الشأن في علوه لا يحتاج إلى أحد من خلقه ولا يفتقر إليه، وأنه سبحاه منزه من جميع لوازم المخلوقين، ومن صفاته عز وجل اللازمة أنه متصف بصفة الغنى فهو لا يحتاج إلى أحد من خلقه.
فإذاً تُثبتُ ما أثبته الله لنفسه؛ لأن الله أخبر بذلك، ومع إثبات ذلك يجب أن تعتقد أن الله تعالى لا يماثله ولا يساويه في ذلك أحدٌ من خلقه، مع عدم الخوض في كيفية الاستواء.
فالمقصود والمراد من نفي المماثلة أن لله خصائص، أي أمورٌ يختص بها لا يماثله في ذلك أحدٌ من خلقه.
رابعًا: قول المصنف: "أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه أحق به وأَوْلَى".
وضرب المصنف هنا مثالين:
المثال الأول: ضرب مثلًا بلفظ: (البناء) من جهة الفرق بين المخلوق والمخلوق. فقال المصنف: "فلما قال سبحانه وتعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} فهل يتوهم متوهم أن بناءه مثل بناء الآدمي المحتاج، الذي يحتاج إلى زُبُل ومجارف وأعوان وضرب لبن وجَبْل طين؟ "