للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يبين ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" وقد ثبت عنه أنه حلف بعزة الله والحلف بعمر الله، ونحو ذلك من صفاته فعلم أن الحالف بصفاته ليس حالفا بغيره، ولو كانت الصفة يطلق عليها القول بأنها غيره، لكان الحلف بها حلفا بغيره، وإذا قال القائل الحالف بصفته حالف به، لأن الصفة تستلزم الموصوف وهو المقصود باليمين، قيل لهم فلهذا لم يدخل في إطلاق القول بأنها غير الله فعلمه لازم له وملزوم له وكلامه لازم له وملزوم له والصفة داخلة في مسمى الموصوف، فإذا قال القائل عبدت الله وذكرت الله ونحو ذلك فاسم الله متضمن لصفاته اللازمة لذاته فإذا قيل أنها غير الله فقد يفهم منه أنها خارجة عن مسمى اسمه وهذا باطل، ولهذا قد يقال أنها غير الذات، ولا يقال أنها غير الله، لأن لفظ الذات يشعر بمغايرته للصفة، بخلاف اسم الله تعالى فإنه متضمن لصفات كماله، وقولنا أنه مغاير للذات لا يتضمن جواز وجوده دون الذات فإنه ليس في الخارج ذات منفكة عن صفات، ولا صفات منفكة عن ذات، بل ذلك ممتنع لنفسه.

ومن قال من أهل الأثبات أن له صفات زائدة على ذاته فحقيقة قوله أنها زائدة على ما أثبته المثبت من الذات حيث أقر بذات ولم يقر بصفاتها، وإلا ففي الخارج ليس هناك ذات منفكة عن صفات حتى يقال أن الصفات زائدة عليها بل لفظ الذات في الأصل تأنيث ذو كقوله {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقوله {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وهي تستلزم الإضافة، ولكن المتكلمون قطعوه عن الإضافة وعرفوه فقالوا الذات وحقيقته التي لها صفات فحيث قيل لفظ الذات كان مستلزما للصفات ويستحيل وجود ذات منفكة عن الصفات في الخارج وفي العقل وفي اللغة ومن قدر ذاتا بلا صفات فهو تقدير محال كما يقدر سواد ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>