كالأشعري وغيره يثبتون لله صفات العلو، والاستواء، والصفات الخبرية، ولا تقتضي عندهم تشبيهاً، كما أن إثباتها لا يعارض ما يقولون به من التوحيد لله تعالى.
فقولهم: إن الواحد هو الذي لا ينقسم ولا يتجزأ وليس بجسم، ليس معروفاً في لغة العرب، بل المعروف في لغة العرب أنهم يطلقون على كثير من المخلوقات أنه واحد وهو جسم، بل لا يوجد في لغة العرب، بل ولا غيرهم من الأمم استعمال الواحد، الأحد، الوحيد إلا فيما يسمونه هم جسماً ومنقسماً، كقوله تعالى:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا}[المدثر الآية: ١١]، وقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}[النساء الآية: ١١]، وقوله:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ}[الكهف الآية: ٣٢ - [إلى قوله-} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف الآية: ٣٧]، وقوله}: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَّخِيلٍ} [البقرة الآية: ٢٦٦]، وقوله تعالى}: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف الآية: ٤٩ [والعرب وغيرهم من الأمم يقولون: رجل، ورجلان اثنان، وثلاثة رجال، وفرس واحد، وجمل واحد، ودرهم واحد، وثوب واحد … فلفظ الواحد وما يتصرف منه في لغة العرب وغيرهم من الأمم لا يطلق إلا على ما يسمونه هم جسماً منقسماً، لأن ما لا يسمونه هم جسماً منقسماً ليس هو شيئاً يعقله الناس، ولا يعلمون وجوده حتى يعبروا عنه" (١).
وفي موضع آخر يذكر شيخ الإسلام نصوصاً عديدة من الكتاب والسنة، ويعلق عليها. فيقول في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء الآية: ١ [ومعلوم أن النفس الواحدة التي خلق منها زوجها هو آدم، وحواء خلقت من ضلع آدم القصيراء، من جسده خلقت، لم تخلق من روحه، حتى يقول القائل الوحدة هي باعتبار النفس الناطقة التي لا تركيب فيها. وإذا كانت حواء خلقت من