للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصفاتية تقول: ليس ذلك من التوحيد ونفي التجسيم والتشبيه، ثم هؤلاء مضطربون فيما ينفونه من ذلك، لكن أولئك على أن ما نفوه من [التشبيه وما نفوه من] المعنى الذي سموه تجسيمًا هو التوحيد الذي لا يتم الدين إلا به، وهو أصل الدين عندهم.

وكل من سمع ما جاءت به الرسل يعلم بالاضطرار أن هذه الأمور ليست مما بعث الله به رسوله، ولم يكن الرسول يعلم أمته هذه، الأمور، ولا كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، فكيف يكون هذا التوحيد الذي هو أصل الدين لم يدع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعون؟ بل يعلم بالاضطرار أن الذي جاء به الرسول من الكتاب والسنة يخالف هذا المعنى الذي سماه هؤلاء الجهمية توحيدًا.

ولهذا ما زال سلف الأمة وأئمتها ينكرون ذلك، كما روى الشيخ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، في ذم الكلام قال: "سمعت عبد الرحمن بن جابر السلمي قال: سمعت محمد بن عقيل بن الأزهر الفقيه يقول: جاء رجل إلى المزني فسأله عن شيء من الكلام، فقال: إني أكره هذا، بل أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي، ولقد سمعت الشافعي يقول: سئل مالك عن الكلام في التوحيد. قال مالك: محال أن يظن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه علم أمته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، فالتوحيد ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله" (١) [فما] عصم به


(١) الحديث بهذا اللفظ رواه الترمذي عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت …
سنن الترمذي ٥/ ٤٣٩ كتاب تفسير القرآن- باب ٧٨ - تفسير سورة الغاشية - الحديث/ ٣٣٤١.
وأخرجه البخاري مع اختلاف في الألفاظ في كتاب الإيمان- باب: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم-".
وفي كتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة" باب قول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} - ٨/ ١٦٢.
ومسلم -كتاب الإيمان- باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة .. ١/ ٥١ - ٥٣ - الأحاديث/ ٣٢ - ٣٦. "

<<  <  ج: ص:  >  >>