للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أجاز ذلك ابن كيسان والسيرافي، ومذهب الجمهور أن كي لا تضمر؛ لأنه لم يثبت إضمارها في غير هذا الموضع.

فإن قلت: لِمَ سميت لام كي؟

قلت: لأنها للسبب كما أن كي للسبب.

وأما لام الجحود، فهي الواقعة بعد كان المنفية الناقصة الماضية لفظا أو معنى نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} ١ و {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} ٢.

والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة واجبة الإضمار، وعلل ذلك بأن إيجاب "ما كان زيد ليفعل" "كان زيد سيفعل" جعلت اللام في مقابلة السين، فكما أنه لا يجمع بين أن والسين كذلك لا يجمع بين أن واللام.

فإن قلت: حاصل كلام الناظم أن لأن بعد لام الجر ثلاثة أحوال: وجوب إظهارها مع المقرون بلا، ووجوب إضمارها بعد نفي كان، وجواز الأمرين فيما عدا ذلك، وهذا غير محرر من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لم يقيد بالناقصة، فأوهم أنه يجب الإضمار أيضا بعد التامة، وليس كذلك؛ لأن اللام بعدها ليست لام الجحود.

الثاني: أنه يوهم "أن"٣ اختصاص هذا الحكم بالماضية لفظا، وقد تقدم أن الماضية معنى كالماضية لفظا.

والثالث: أنه أطلق فشمل إطلاقه النفي بكل نافٍ، وليس كذلك؛ لأن النفي هنا لا يكون إلا بما أو بلم ولا يكون بأن ولا بلما ولا بلا ولا بلن. نص على ذلك في الارتشاف.

قلت: قد يجاب عن الأول بأن استعمال الناقصة أكثر، وذكرها في أبواب النحو أشهر فتوجه كلامه إليها، وتعين حمله عند عدم التقييد عليها.


١ من الآية ١٧٩ من سورة آل عمران.
٢ من الآية ١٣٧ من سورة النساء.
٣ ب، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>