للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اعلم" أن أقوى نواصب الفعل "أن" لاختصاصها به ولشبهها بأن الناصبة للاسم؛ فلذلك عملت مظهرة ومضمرة بخلاف أخواتها، وإضمارها على ثلاثة أضرب: واجب، وجائز، وشاذ.

فالواجب بعد ستة أشياء؛ أولها: "كي" الجارة. وثانيها: لام الجحود. وثالثها: "أو" بمعنى إلى أو إلا. ورابعها: حتى. وخامسها: فاء الجواب. وسادسها: واو المصاحبة.

والجائز بعد شيئين؛ الأول: لام كي إذا لم يكن معها لا. والثاني: العاطف على اسم خالص.

والشاذ: إعمالها مضمرة في غير هذه المواضع.

والحاصل: أنها لا تعمل مضمرة باطراد إلا بعد حرف جر أو حرف عطف على ما سيأتي بيانه.

فأما "كي" الجارة، فلم ينبه في النظم عليها؛ بل ظاهر كلامه هنا موافقة من يقول: إنها ناصبة بنفسها دائما؛ لأنه ذكرها مع النواصب، ولم يذكرها غير ذلك. وقد ذكر لها في الكافية وغيرها الحالين.

وقد اشتمل هذان البيتان على حكم "أن" بعد لام كي ولام الجحود.

فأما لام كي فهي لام التعليل، ولأن بعدها حالان، حال يجب فيه إظهارها وذلك مع الفعل المقرون بلا النافية أو الزائدة، كقوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ١.

وحال يجوز فيه إظهارها وإضمارها، وذلك مع الفعل غير المقرون بلا نحو: "جئت لتكرمني".

ولو أظهرت فقلت: لأن تكرمني، لجاز.

فإن قلت: فهل يجوز أن يكون النصب بعدها بإضمار كي؟


١ من الآية ٢٩ من سورة الحديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>