وعن الثاني: بأنه لم يكن مندرجا في قوله: "ونفى كان" لأن المراد نفي الماضي، ولم تنف الماضي، على أن من النحويين من يرى أنها تصرف لفظ الماضي دون معناه.
وعن الثالث: أن قوله: "نفي كان" لا يشمل كل نافٍ، بل يشمل كل ما ينفي الماضي فخرجت "لن" لأنها تختص بالمستقبل، وكذلك "لا" فإن نفي غير المستقبل بها قليل، وأما لما فإنها وإن كانت تنفي الماضي تدل على اتصال نفيه بالحال بخلاف "لم" وأما "أن" فهي بمعنى "ما" وإطلاقه يشملها، وفي استثنائها نظر.
بل الظاهر أن لام الجحود تقع بعد النفي بها، ويدل على ذلك قراءة غير الكسائي:{وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} ١، ونص بعضهم على أن اللام في غير قراءته لام الجحود.
وفي هذه الآية رد على من زعم أن الفعل بعد لام الجحود لا يرفع إلا ضمير الاسم السابق.
وقد فهم من النظم فوائد:
الأول: أن ذلك لا يكون في أخوات كان؛ لتخصيص الحكم بها خلافا لمن أجازه قياسا في أخواتها، ولمن أجازه في ظننت.
والثانية: أن الفعل معها لا يكون موجبا، فلا يقال:"ما كان زيد إلا ليفعل" لأنها إذ ذاك بعد إيجاب لا بعد نفي كان.
الثالثة: أن إظهار أن بعد لام الجحود ممتنع؛ لقوله:"حتما أضمرا"، وهذا مذهب البصريين.
وأما الكوفيون فحكى ابن الأنباري عنهم منع ذلك، وحكى غيره عن بعضهم جواز إظهار أن بعدها توكيدا.
١ سورة إبراهيم الآية ٤٦. أما قراءة الكسائي فهي بفتح اللام ورفع الفعل بأن مخففة من الثقيلة واللام للفصل، أي: وإن مكرهم لنزول منه الأمور المشبهة في عظمها بالجبال كبأس أعدائهم الكثيرين.