للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أحمد، فما شعرت بذلك. أتوني بسويق فقالوا لي: أشرب وتقيأ. فقلت لست أفطر. ثم جئ بي إلى دار إسحق بن إبراهيم فحضرت صلاة الظهر، فتقدم ابن سماعة فصلى، فلما انفتل من الصلاة قال لي: صليت والدم يسيل في ثوبك؟ فقلت: قد صلى عمر وجرحه يثعب دماً.

قال أبو الفضل: ثم خلى عنه فصار إلى منزله، فمكث في السجن منذ أخذ وحمل إلى أن ضرب وخلي عنه ثمانية وعشرين شهراً.

وقال إبراهيم بن مصعب الشرطي: ما رأيت أحداً لم يداخل السلطان ولا خالط الملوك أثبت قلباً من أحمد يومئذ، ما نحن في عينه إلا كأمثال الذباب.

وأخبر أبو العباس الرقي: إنهم دخلوا على أحمد لما كان في الرقة، وهو محبوس فجعلوا يذاكرونه ما يروى في التقية من الأحاديث، فقال: كيف تصنعون بحديث خباب ((إن من كان قبلكم كان ينشر بالمنشار ثم لا يصده ذلك عن دينه)) قال: فيئسنا منه. وقال له المروذي لما أرادوا أن يقدموه للضرب: يا أستاذ، قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء ٢٩] فقال: يا مروذي، أخرج أنظر أي شئ ترى؟ قال: فخرجت إلى رحبة دار الخليفة فرأيت خلقاً من الناس لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل، والصحف في أيديهم، والأقلام والمحابر في أذرعتهم.

فقال لهم المرودي: أي شئ تعملون؟ فقالوا: ننظر ما يقول أحمد فنكتبه فقال المروذي: مكانكم فدخل إلى أحمد وقال له: رأيت قوماً بأيديهم الصحف والأقلام، ينتظرون ما تقول فيكتبونه.

قال: يا مروذي، أضل هؤلاء كلهم أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء كلهم. قلت: هذا رجل هانت عليه نفسه في الله عز وجل فبذلها وقد صح عنه عليه

<<  <   >  >>