العقابين ورأى ثبوته وتصميمه وصلابته في أمره حتى أغراه ابن أبي داود وقال له: إن تركته قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله فهاجمه ذلك على ضربه. وقال أحمد؟ ثم قال للجلادين تقدموا، فجعل يتقدم إلى الرجل منهم فيضربني سوطين فيقول له المعتصم: شد قطع الله يدك، ثم يتنحى ثم يتقدم الآخر فيضربني سوطين وهو في ذلك يقول: شدوا قطع الله أيديكم. فلما ضربت تسعة عشر سوطاً قال إلى فقال: يا أحمد، علام تقتل نفسك، إنى والله عليك شفيق! وجعل عجيف ينسخني بقائمة سيفه وقال: تريد أن تغلب هؤلاء كلهم.
وجعل بعضهم يقول: ويلك! الخليفة على رأسك قائم. وقال بعضهم يا أمير المؤمنين، دمه في عنقى أقتله. وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين أنت صائم، وانت في الشمس قائم. فقال لي: ويحك يا أحمد، ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئاً من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أقول به، ثم رجع فجلس ثم قال للجلاد: تقدم، أوجع، قطع الله يدك. ثم قام الثانية فجعل يقول: ويحك يا أحمد أجبني. فجعلوا يقبلون علي ويقولون: ويلك يا أحمد، إمامك على رأسك قائم، وجعل عبد الرحمن يقول: من صنع من أصحابك في هذا الآمر ما تصنع.
وجعل المعتصم يقول: ويحك، أجبني إلى شئ لك فيه من أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي. فقلت: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئاً من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أقول به.
فرجع وجلس فقال للجلادين: تقدموا، فجعل الجلاد يتقدم ويضربني سوطين، ويتنحى، وهو في خلال ذلك يقول: شد قطع الله يدك. قال أحمد: فذهب عقلي، فأفقت بعد ذلك فإذا الأقياد قد أطلقت عني. فقال لي رجل ممن حضر: إنا كببناك على وجهك، وطرحنا على ظهرك باربة ودسناك،