للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفتح لنا بابها، فإذا رجل قد دخل فقال: البشرى؟ قد مات الرجل! قال أبي: وكنت أدعو الله عز وجل أن لا أراه، فبويع المعتصم بالروم ورجع فرد أحمد إلى بغداد في سنة ثمان وعشر ومائتين. فمات محمد بن نوح في الطريق ودفن كما قيل بعانة، وصلى عليه الإمام أحمد، ورد مقيداً فمكث بالياسرية أياماً، ثم رد إلى الحبس في دار أكتريت له، ثم نقل إلأى حبس العامة في درب الموصلي فامتحنه المعتصم بخلق القرآن.

وكان أحمد بن أبي داود على قضاء القضاة، قال أحمد: لما كان في شهر رمضان سنة تسع حولت إلى دار إسحق بن إبراهيم، فوجه إلى في كل يوم برجلين أحدهما يقال له أحمد بن رباح، والآخر أبو شعيث فلا يزالان يناظراني حتى إذا أرادا الإنصراف بقيد فزيد في قيودي فصار في رجلي أربعة أقياد.

فلما كان اليوم الثالث دخل على أحد الرجلين فناظرني فقلت له: ما تقول في علم الله؟ قال: علم الله مخلوق، فقلت له: كفرت! فلما كان في الليلة الرابعة وجه المعتصم إلى أسحق فأمره بحملي إليه فأدخلت إلى إسحق، فقال: يا أحمد، إنها والله نفسك، إنه لا يقتلك بالسيف، إنه قد آلى إن لم تجبه أن يضربك ضرباً بعد ضرب، وأن يلقيك في موضع لا ترى الشمس فيه أليس قد قال الله عز وجل: {إنا جعلناه قرآناً عربياً} [الزخرف ٣] أفيكون مجعول إلا مخلوقاً؟ فقلت له: قد قال الله عز وجل: {فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل ٥] أفخنقهم؟ فسكت. ثم قال أذهبوا به.

قال أحمد: فما صرنا إلى الموضع المعروف بباب البستان، أخرجت وجئ بدابة فحملت عليها وعلى الأقياد معي أحد يمسكني، فكدت غير مرة أخر على وجهي لثقل القيود فجئ بي إلى دار المعتصم فأدخلت حجرة

<<  <   >  >>