فكان بشر متوارياً في أيامه نحواً من عشرين سنة حتى مات هارون، فظهر ودعا إلى الضلالة.
ولما ولي المأمون خالطه قوم من المعتزلة فحسنوا له القول بخلق القرآن، وكان يتردد في حمل الناي على ذلك ويراقب الأشياخ، ثم قوى عزمه فحمل الناس عليه حتى سافر المأمون إلى بلاد الروم فكتب وهو بالرقة إلى أسحق ابن إبراهيم صاحب الشرطة ببغداد بامتحان الناس فامتحنهم.
قال صالح ابن الإمام أحمد: ثم أمتحن القوم جميعاً غير أربعة: أبي ومحمد ابن نوح وعبد الله بن عمر القواريري والحسن بن حماد سجادة، ثم أجاب عبد الله بن عمر والحسن بن حماد، وبقى ابي ومحمد بن نوح في الحبس فمكثا أياماً في الحبس، ثم ورد الكتاب من طرطوس بحملها مقيدين زملين فصرنا معهما إلى الأنبار، فسأل أبو بكر الأحوال أبي فقال: يا أبا عبد الله، إن عرضت على السيف تجيب؟ قال: لا. ولما رحلنا من الرحبة عرض لنا رجل في جوف الليل فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا. فقال للجمال على رسلك! ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل هاهنا وتدخل الجنة هاهنا ثم قال: أستودعك الله تعالى ومضى.
فسئل عنه فقيل: هو رجل من ربيعة يقال له جابر بن عامر يذكر بخير وقال أحمد: ما سمعت كلمة منذ وقعت في الأمر الذى وقعت فيه اقوى من كلمة أعرابي كلمنى بها في رحبة طوق. قال: يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيداً، وإن عشت عشت حميداً قال: فقوى قلبي. قال ابن أبي حاتم: فكان كما قال، لقد رفع الله عز وجل شأن أحمد بن حنبل بعد ما أماحن وعظم عند الناس، وارتفع أمره جداً.
قال صالح قال أبي: لما صرنا إلى أذنه ورحلنا منها وذلك في جوف الليل