رأى في المنام سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول له: أبشر أحمد ابن حنبل بالجنة على بلوى تصيبه، فإنه يدعى إلى القول بخلق القرآن فلا يجيب إلى ذلك، بل يقول: هو منزل غير مخلوق.
فلما أصبح الشافعي - رضي الله عنه - كتب صورة ما رآن في منامه وأرسله مع الربيع إلى بغداد إلى الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فلما وصل بغداد قصد منزل أحمد وأستأذن عليه فأذن له، فلما دخل عليه قال: هذا كتاب أخيك الشافعي، فقال له: هل تعلم ما فيه:؟ قال لا، ففتحه وقرآه وبكى وقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
ثم أخبره بما فيه فقال: الجائزة؟ وكان عليه قميصان احدهما على جسده والآخر فوقه فنزع الذى على جسده ودفعه إليه فأخذه ورجع إلى الشافعي فقال له الشافعي: ما أجازك؟ قال: أعطاني القميص الذى على جسده، فقال له: أما انا فلا أفجعك فيه، ولكن أغسله وأئتنى بماء غسله، واتاه بالماء فأفاضه على سائر جسده. انتهى. وما أحسن ما ينسب إليه فيه قول [كامل]
قالوا يزورك أحمد وتزوره قلت الفضائل ما تعدت منزله
إن زارني فبفضله أو زرته فلفضله فالفضل في الحالين له
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في الباب السادس والستين ما ملخصه: إنه لم يزل الناس على قانون السلف وقولهم: إن القرآن كلام الله غير مخلوق حتى نبعث المعتزلة فقالت بخلق القرآن، وكانت تستر ذلك.
وكان القانون محفوظاً في زمن هارون الرشيد كما قال محمد بن نوح سمعت هارون الرشيد أمير المؤمنين يقول: بلغني أن بشراً المريسى زعم ان القرآن مخلوق؟ على إن اظفرني الله به لأقتلنه قتله ما قتلها أحد قط. قال أحمد: