لحديث علي، وفيه (وأن لا أعطي الجاز منها شيئا، وقال: نحن نعطيه من عندنا) متفق عليه، ولأن ما يدفعه إلى الجزار عوض عن عمله وجزارته، ولا تجوز المعاوضة بشيء منها، ولا فرق في ذلك بين ما عينه ابتداء وبين ما عينه ابتداء وبين ما عينه عن الواجب في ذمته، فأما إن دفع إليه منها هدية أو صدقة فلا بأس لأنه في ذلك كغيره بل هو أولى لأنه باشرها وتاقت نفسه إليها، وله أن ينتفع بجلدها وجلها.
قال في الشارح الكبير: لا خلاف في جواز الانتفاع بجلودها وجلالها لأن الجلد جزء منها فجاز للمضحي الانتفاع به كاللحم، وكان علقمة ومسروق يدبغان جلد أضحيتهما ويصليان عليه. ويستحب أن يتصدق بالجلد والجل، ويحرم بيع شيء من الذبيحة هدياً كانت أو أضحية ولو كانت تطوعاً لأنها تعينت بالذبح كما يحرم بيع الجلد والجلّ لحديث علي (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنه وأن أقسم جلودها وجلالها وأن لا أعطي الجازر منها شيئاً وقال: نحن نعطيه من عندنا) متفق عليه.
قال البخاري في صحيحه: باب الجلال للبدن قال في فتح الباري: الجلال بكسر الجيم وتخفيف اللام جمع جل بضم الجيم: وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه انتهى.
قال في الشرح الكبير: ورخص الحسن والنخعي في الجلد أن يبيعه ويشتري به الغربال والمنخل وآلة البيت، وروي نحو ذلك عن الأوزاعي، لأن ينتفع هو وغيره فجرى مجرى تفريق لحما.
وقال أبو حنيفة: يبيع ما شاء منها ويتصدق بثمنه.
وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه يبيع الجلد ويتصدق بثمنه، وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحق انتهى.
قال ابن رجب في القواعد: لو أبدل جلود الأضاحي بما ينتفع به في البيت من آلاته جاز، نص عليه لأن ذلك يقوم مقام الانتفاع بالجدل نفسه في متاع البيت انتهى.