وإن قضى القارن متمتعاً فإذا تحلل من العمرة أحرم بالحج من الأبعد من الميقاتين اللذين أحرم من أحدهما قارنا ومن الآخر بالعمرة لأنه إذا كان الأبعد الأول فالقضاء يحكيه لأن الحرمات قصاص، وإن كان الثاني فقد وجب عليه الإحرام بحلوله فيه لوجوب القضاء على الفور، قال الشيخ منصور: والظاهر أنه لا دم عليه إذاً لفوات الشرط انتهى. قلت مراد الشيخ منصور بقوله لفوات الشرط ما ذكروه في الشرط الثالث من شروط وجوب الدم على المتمتع حيث قالوا: وأن لا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فإن فعل فأحرم بالحج من مسافة قصر فأكثر فلا دم عليه نصاً. والله أعلم.
[-- فصل:]
ويسن لمن كان قارناً أو مفرداً فسخ نيتهما بالحج وينويان بإحرامهما ذلك عمرة مفردة فمن كان منهما قد طاف وسعى قصر وحل من إحرامه، وإن لم يكن طاف وسعى فإنه يطوف ويسعى ويقصر ويحل، فإذا فرغا من العمرة وحلا منها أحرما بالحج ليصيرا متمتعين ويتمان أفعال الحج ما لم يكونا ساقا هدياً أو وقفاً بعرفة لأنه صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي، متفق عليه. وقال سلمة بن شبيب للإمام أحمد: كل شيء منك حسن جميل إلا خلة واحدة، فقال: وما هي؟ قال: تقول بفسخ الحج. قالت: كنت أرى أن لك عقلاً، عندي ثمانية عشر حديثا جياداً صحاحاً كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟ وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة وأحاديثهم متفق عليها ورواه غيرهم وأحاديثهم كلها صحاح، وإذا فسخ الحج إلى العمرة صار متمتعاً حكمه حكم المتمتعين في وجوب الدم وغيره وقال القاضي أبو يعلى: لا يجب الدم لأن من