إحداهما لا يجوز لما ذكرنا، والثانية يجوز لما روى أبو هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة فقال اركبها، فقال يا رسول الله إنها بدنة، فقال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة) متفق عليه انتهى. وإن ولدت التي عينها أضحية ابتداء أو عن واجب في الذمة ذبح ولدها معها سواء عينها حاملاً أو حدث الحمل بعد التعيين، وبهذا قال الشافعي، لأن استحقاق المساكين للولد حكم ثبت بطريق السراية من الأم فيثبت للولد ما يثبت لأمه كولد أم الولد والمدبرة.
وولد الهدي بمنزلة أمه أيضاً كولد الأضحية يذبحه مع أمه إن أمكن حمل الولد على ظهرها أو ظهر غيرها أو أمكن سوقه إلى محل ذبح الهدي، وإن لم يمكن حمل الولد ولا سوقه إلى محله ذبح في موضعه كهدي عطب، ولا يشرب من لبن المعينة أضحية أو هديا إلا ما فضل عن ولدها فيجوز شربه لقول علي: لا يحلبها إلا ما فضل عن تيسير ولدها، وبذلك قال الشافعي ولأنه انتفاع لا يضر بها ولا بولدها، والصدقة به أفضل خروجاً من الخلاف.
وقال أبو حنيفة: لا يحلبها ويرش على الضرع الماء حتى ينقطع اللبن، فإن احتلبها تصدق به لأن اللبن متولد من الأضحية الواجبة فلم يجز للمضحي الانتفاع به كالولد، وحجتنا ما تقدم عن علي، فإن خالف وحلب من الأضحية أو الهدي ما يضر بولدها أو بها أو ينقص لحمها حرم عليه ذلك وعليه الصدقة به، فإن شرب اللبن ضمنه لتعديه بأخذه، ويباح أن يجز صوفها ووبرها وشعرها لمصلحتها كما لو كانت في زمن تخف بجزه وتسمن به ويتصدق به ندباً؛ وله الانتفاع به لجريانه مجرى جلدها للانتفاع به دواما، وإن كان بقاء الصوف أو الوبر أو الشعر أنفع لها لكونه يقيها الحر والبرد حرم جزه، كما يحرم أخذ بعض أعضائها ولا يعطي الجازر شيئاً منها أجرة، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي