ثم لما أسلم الناس علم ﷺ أنه راحل إلى ربه تعالى، فخرج ﷺ فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت بعد نحو عشرة أعوام.
ثم لما أصاب رسول الله ﷺ وجعه الذي مات فيه، كان فى بيت ميمونة أم المؤمنين، ثم استأذن ﷺ نساءه أن يمرض فى بيت عائشة أم المؤمنين، فأذن له فى ذلك.
وعرض عليه عند إغمائه أن يلدوه، فنهاهم عن ذلك، فتمادوا على أمرهم ولدوه. واللد: شيء كانت تصنعه العرب، وهو دواء فى شقى الفم. فلما أفاق أمر بالاقتصاص منهم كلهم، فلدوا كلهم، حاشا عمه العباس، فإنه لم يحضر ذلك الفعل إذ لدوه. ولدت سودة أم المؤمنين وهى صائمة.
فلما كان يوم الخميس - قبل موته ﷺ بأربع ليال - اجتمع عنده جمع من الصحابة، فقال ﵇: ائتونى بكتف ودواة أكتب لكم كتابا، لا تضلون بعدى. فقال عمر بن الخطاب ﵁ كلمة أراد بها الخير، فكانت سببا لامتناعه من ذلك الكتاب، فقال: إن رسول الله ﷺ قد غلب عليه الوجع، وعندنا كتاب الله، وحسبنا كتاب الله. وساعده قوم، حتى قالوا: أهجر رسول الله ﷺ؟ وقال آخرون: أجيبوا بالكتف والدواة يكتب لكم رسول الله ﷺ كتابا لا تضلون بعده. فساء ذلك رسول الله ﷺ، وأمرهم بالخروج من عنده، فالرزية كل الرزية ما حال بينه وبين ذلك الكتاب. إلا أنه لا شك لو كان من واجبات الدين ولوازم الشريعة لم يثنه عنه كلام عمر ولا غيره.