للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِسْكَافِيُّ وَغَيْرُهُمْ، الْحَرَكَاتُ وَالسُّكُونُ وَالْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَالِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالْأَلْوَانُ وَالطُّعُومُ وَالرَّوَائِحُ وَالْأَصْوَاتُ وَالْكَلَامُ وَالسُّكُوتُ وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ وَسَائِرُ أَفْعَالِ الْإِنْسَانِ وَالْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ وَاللِّينُ وَالْخُشُونَةُ أَعْرَاضٌ غَيْرُ الْأَجْسَامِ قَالَ: وَحَكَى زُرْقَانُ عَنْ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ الْحَرَكَةَ جِسْمٌ وَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ الْجِسْمِ لِأَنَّ غَيْرَ الْجِسْمِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ يُشْبِهُهُ، قَالَ وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّظَّامُ فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ يَزْعُمُ أَنَّ الطُّولَ هُوَ الطَّوِيلُ وَأَنَّ الْعَرْضَ هُوَ الْعَرِيضُ وَكَانَ يُثْبِتُ الْأَلْوَانَ وَالطُّعُومَ وَالرَّوَائِحَ وَالْأَصْوَاتَ وَالْآلَامَ وَالْحَرَارَةَ وَالْبُرُودَةَ وَالرُّطُوبَةَ وَالْيُبُوسَةَ أَجْسَامًا لِطَافًا وَيَزْعُمُ أَنَّ حَيِّزَ اللَّوْنِ هُوَ حَيِّزُ الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ وَأَنَّ الْأَجْسَامَ اللِّطَافَ قَدْ تَحُلُّ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ وَكَانَ لَا يُثْبِتُ عَرْضًا إلَّا الْحَرَكَةَ فَقَطْ.

قَالَ: وَكَانَ عَبَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ يُثْبِتُ الْأَعْرَاضَ غَيْرَ الْأَجْسَامِ فَإِذَا قِيلَ لَهُ تَقُولُ الْحَرَكَةُ غَيْرُ الْمُتَحَرِّكِ وَالْأَسْوَدُ غَيْرُ السَّوَادِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ: قَوْلِي فِي الْجِسْمِ مُتَحَرِّكٌ إخْبَارٌ عَنْ جِسْمٍ وَحَرَكَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ أَقُولَ الْحَرَكَةُ غَيْرُ الْمُتَحَرِّكِ قَالَ: وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ، أَنَّ الْأَجْسَامَ كُلَّهَا مِنْ أَرْبَعَةِ طَبَائِعَ حَرَارَةٍ وَبُرُودَةٍ وَرُطُوبَةٍ وَيُبُوسَةٍ وَأَنَّ الطَّبَائِعَ الْأَرْبَعَةَ أَجْسَامٌ وَلَمْ يُثْبِتُوا شَيْئًا إلَّا هَذِهِ الطَّبَائِعَ الْأَرْبَعَةَ وَأَنْكَرُوا الْحَرَكَاتِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَلْوَانَ وَالطُّعُومَ وَالرَّوَائِحَ هِيَ الطَّبَائِعُ الْأَرْبَعُ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ أَنَّ الْأَجْسَامَ مِنْ أَرْبَعَةِ طَبَائِعَ وَأَثْبَتُوا الْحَرَكَاتِ وَلَمْ يُثْبِتُوا عَرْضًا غَيْرَهَا وَيُثْبِتُونَ الْأَلْوَانَ وَالرَّوَائِحَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَائِعِ، وَقَالَ قَائِلُونَ: الْأَجْسَامُ مِنْ أَرْبَعَةِ طَبَائِعَ، رُوحٌ سَائِحَةٌ فِيهَا وَأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ جِسْمًا إلَّا هَذِهِ الْخَمْسَةَ الْأَشْيَاءَ وَأَثْبَتُوا الْحَرَكَاتِ أَعْرَاضًا.

قَالَ: وَقَالَ قَائِلُونَ بِإِبْطَالِ الْأَعْرَاضِ وَالْحَرَكَاتِ وَالسُّكُونِ وَأَثْبَتُوا السَّوَادَ وَهُوَ الشَّيْءُ الْأَسْوَدُ لَا غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ الْبَيَاضُ وَسَائِرُ الْأَلْوَانِ، وَكَذَلِكَ الْحَلَاوَةُ وَالْحُمُوضَةُ وَسَائِرُ الطُّعُومِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الرَّوَائِحِ وَالْحَرَارَةِ أَنَّهَا الشَّيْءُ الْحَارُّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الرُّطُوبَةِ وَالْبُرُودَةِ وَالْيُبُوسَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْحَيَاةِ أَنَّهَا هِيَ الْحَيُّ وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُ حَرَكَةَ الْجِسْمِ وَفِعْلُهُ غَيْرُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُثْبِتُ عَرْضًا غَيْرَ الْجِسْمِ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.

قُلْت: هَذَا الْقَوْلُ فِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ يُضَاهِي قَوْلَ شَيْخِ الْمُعْتَزِلَةِ أَبِي الْهُذَيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>