عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ» .
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نَقَلُوا بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا قَطُّ، وَلَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَامَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ مِنْهُمْ الصَّائِمُ وَمِنْهُمْ الْمُفْطِرُ.
وَأَمَّا الْقَصْرُ فَكُلُّ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَقْصُرُونَ، مِنْهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَغَيْرُ أَهْلِ مَكَّةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّرْبِيعِ: هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ؟ أَمْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ تَرْكٌ لِلْأَوْلَى؟ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ. كَقَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا. كَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: الْقَصْرُ أَفْضَلُ: كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الصَّحِيحِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالرَّابِعُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ الْإِتْمَامُ مَكْرُوهٌ، كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
وَالْخَامِسُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقَصْرَ وَاجِبٌ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ.
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ سُنَّةٌ، وَإِنَّ الْإِتْمَامَ مَكْرُوهٌ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْقَصْرِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ فِي مَذْهَبِهِ.
[مَسَافَة الْقَصْرِ]
٢٨٥ - ٢٠١ - سُئِلَ: هَلْ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ قَدْرٌ مَحْدُودٌ عَنْ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
الْجَوَابُ: السُّنَّةُ أَنْ يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ فَيُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ، هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا قَطُّ.
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فِي حَيَاتِهِ» فَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُسَافِرِ إذَا صَلَّى أَرْبَعًا.
فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ