فَأَبِي فَدَخَلْت إلَى أَبِي فَأَخْبَرْته أَنَّ دَاوُد جَاءَ فَقَالَ إنَّهُ لَا يَقُولُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ وَأَنْكَرَ. قَالَ: جِئْنِي بِتِلْكَ الْإِضْبَارَةِ [الْكُتُبِ] فَأَخْرَجَ مِنْهَا كِتَابًا فَقَالَ هَذَا كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَفِيهِ أَنَّهُ يَعْنِي دَاوُد الْأَصْبَهَانِيَّ - أَحَلَّ فِي بَلَدِنَا الْحَالَ وَالْمَحَلَّ.
وَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ قَالَ الْقُرْآنُ مُحْدَثٌ فَقُلْت لَهُ إنَّهُ يُنْكِرُ ذَلِكَ. فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَصْدَقُ مِنْهُ لَا نَقْبَلُ قَوْلَ عَدُوِّ اللَّهِ. أَوْ نَحْوَ مَا قَالَ أَبُو يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ بِنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْخَلَّالُ، وَأَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي الْخِرَقِيِّ - وَالِدَ أَبِي الْقَاسِمِ صَاحِبَ الْمُخْتَصَرِ، قَالَ: سَأَلْت أَبَا بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ قِصَّةِ دَاوُد الْأَصْبَهَانِيِّ وَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: كَانَ دَاوُد خَرَجَ إلَى خُرَاسَانَ إلَى إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو نَصْرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَشَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ، شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ الْقُرْآنُ مُحْدَثٌ. فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ دَاوُد بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ لَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ. فَقُلْت: هَذَا مِنْ غِلْمَانِ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ جَاءَنِي كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ دَاوُد الْأَصْبَهَانِيَّ قَالَ بِبَلَدِنَا: إنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ. ثُمَّ إنَّ دَاوُد قَدِمَ إلَى هَهُنَا فَذَكَرَ نَحْوَ قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ الْمَرْوَزِيِّ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهْوَيْهِ لَمَّا سَمِعَ كَلَامَ دَاوُد فِي بَيْتِهِ وَثَبَ عَلَيْهِ إِسْحَاقُ فَضَرَبَهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ. هَذِهِ قِصَّتُهُ.
قَالَ الْخَلَّالُ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّاشِدِيُّ قَالَ: لَقِيت ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بِالْبَصْرَةِ عِنْدَ بِنْدَارٍ، فَسَأَلْته عَنْ دَاوُد فَأَخْبَرَنِي بِمِثْلِ مَا كَتَبَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى إلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا مِنْ خُرَاسَانَ بِأَسْوَإِ حَالٍ وَكَتَبَ لِي بِخَطِّهِ وَقَالَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَوْلِ بِخُرَاسَانَ عُلَمَاءُ نَيْسَابُورَ.
قُلْت: أَمَّا الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عِنْدَ إِسْحَاقَ فَأَظُنُّهُ كَلَامُهُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ قَالَ: الْأَمْرَيْنِ كَمَا قَالَ الْخَلَّالُ، سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَدَقَةَ، سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ صُبَيْحٍ قَالَ سَمِعْت دَاوُد الْأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مُحْدَثٌ وَلَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ. قُلْت فَأَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى دَاوُد قَوْلَهُ إنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَعْنَى هَذَا عِنْدَ النَّاسِ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ.
وَكَانَتْ الْوَاقِفَةُ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْخَلْقَ مَخْلُوقٌ وَيُظْهِرُونَ الْوَقْفَ، فَلَا يَقُولُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute