(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٧. (٣) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الأحاديث: ٢٠٢٥ - ٢٠٢٧. (٤) اختلف الفقهاء في مقدار اللبث المجزئ في الاعتكاف على أقوال على النحو الآتي: القول الأول: مذهب الحنابلة، والحنفية: ما يسمى به معتكفاً لابثاً، قال المرداوي في الإنصاف، ٧/ ٥٦٦: ((فعلى المذهب أقلَّه إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً))، قال ابن مفلح في الفروع، ٥/ ١٤٣: ((فظاهره ولو لحظة وفاقاً للأصح عند الشافعية، وأقله عندهم مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة ... ولا يكفي عبُورُه خلافاً لبعض الشافعية)). قال في الإنصاف، ٧/ ٥٦٦: ((وفي كلام جماعة من الأصحاب: أقله ساعة لا لحظة)). القول الثاني: مذهب الشافعية في الأصح عندهم: تكفي لحظة، لكن لابد من اللبث في المسجد، فيكفي التردد فيه لا المرور بلا لبث، ويندب عندهم أن يكون يوماً؛ لأنه لم يرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف أقل من يوم. القول الثالث: مذهب المالكية: أقل الاعتكاف يوم وليلة، والمستحب أن لا ينقص عن عشرة أيام. ودليل من قال: أقله ساعة: قوله تعالى: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [سورة البقرة، الآية: ١٨٧]،وهذا يشمل القليل والكثير، وبعض ألفاظ حديث ابن عمر رضي الله عنهما في نذر عمر قال: سأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكافٍ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بوفائه)). [البخاري، برقم ٤٣٢٠]. وهذا يشمل الاعتكاف القليل والكثير، والله أعلم. ودليل من قال: أقل الاعتكاف: يوم وليلة؛ حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوف بنذرك))، وفي رواية أنه نذر اعتكاف يوم فقال: يا رسول الله إنه كان عليَّ اعتكاف يوم في الجاهلية؟ ((فأمره أن يفي به))، وفي لفظ لمسلم: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوماً في المسجد الحرام، فكيف ترى؟ قال: ((اذهب فاعتكف يوماً)) [متفق عليه: البخاري، ٢٠٣٢، ٢٠٤٣، ٣١٤٤، ٤٣٢٠، ٦٦٩٧،ومسلم برقم ٢٧ - (١٦٥٦) ورقم ٢٨ - (١٦٥٦)]. قال ابن حبان: ألفاظ هذا الحديث مصرحة بأنه نذر اعتكاف ليلة إلا هذه الرواية: ((اذهب فاعتكف يوماً)) ... فيشبه أن يكون أراد باليوم مع ليلته، وبالليلة مع اليوم، حتى لا يكون بين الخبرين تضاد. [فتح الباري لابن حجر، ٤/ ٢٧٤]، وقال ابن خزيمة، ٣/ ٣٤٨: ((إن العرب تقول يوماً: تريد بليلته، وتقول: ليلة: تريد بيومها))، لكن روى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال - أي عمر -: يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أوفِ بنذرك فاعتكف ليلة))، رواه الدارقطني، ٢/ ١٩٩، وقال: ((هذا إسناد ثابت))، وهذا صريح في أنه إنما نذر اعتكاف ليلة، وعلى هذا فأقل ما ورد: يوم أو ليلة. [انظر: كتاب الفروع لابن مفلح، ٥/ ١٤٣، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف، ٧/ ٥٦٦ - ٥٦٧، والموسوعة الفقهية الكويتية، ٥/ ٢١٢ - ٢١٣].