والمفعول محذوف (أنفسكم) وليس في الإثبات بلاغة كالتي في الحذف: فلا ترموا أنفسكم إلى التهلكة بأيديكم أي بما جنته أيديكم من الشح في النفقة في تجهيز الغزاة. وفي المثل: يداك أوكتا وفوك نفخك.
وفي لفظ (الرمي) ما ليس في الإلقاء من المهانة والمشْأمة قَالَ تَعَالَى: (تَرْمِي بِشَرَرٍ) وقال: (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ) وقال: (يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا) وهذا الإيحاش مراد في سياق الشح بالمال والإمساك عن النفقة في تجهيز
الغزاة، مقصود في عجز الأمة وهزيمتها حين تتخلف عن جهاد عدوها. ونحن مع التضمين لا نحتاج إلى ركوب المسلك الحَزْن بدعوى الزيادة - وهو منكور عند أهل النظر - ولا بدعاوى كثيرة تُعقد المعنى وتجفّف ثراه.
والسؤال أخيراً لم جاء التعبير (بالإلقاء) بدل (الرمي)؟ نفس المؤمن مكرمة عند اللَّه عز وجل فلا يليق بها أن تُرمى. ففي الرمي من المهانة والبذاذة ما ليس في الإلقاء كما أسلفت قَالَ تَعَالَى:(وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) وقال: (فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا) وقال: (أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ) وقال: (سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) ولذلك جاء النهي للمؤمنين بالإلقاء بدلا من الرمي.
أفرأيت ما تؤديه هذه الحروف من فوائد وأسرار حين تصاحب فعلا، كيف تخرجه عن مألوفه فتخصصه أو تُقيده أو تُطلقه أو تخرج به عن معناه المعجمي حسب طريقة عرضها!! أجل ... ما دام الحرف بعض الفعل من حيث كان مُعديا له وموصلا، فهو جزء منه أو كالجزء لقوة اتصاله به، فكيف ندعي زيادته؟ واجتماع