أخبرنى محمد بن أحمد الكاتب، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى النحوى، قال: قال أبو عبيدة: أنشد ذو الرمة بلال بن أبى بردة «٣٧» :
رأيت «٣٨» الناس ينتجعون غيثا ... فقلت لصيدح انتجعى بلالا
صيدح: اسم ناقته. فقال بلال: يا غلام؛ اعلفها قتّا ونوى. أراد بذلك قلة فطنة ذى الرّمة للمدح.
وأخبرنى محمد بن أبى الأزهر؛ قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوى، قال: كان بلال بن أبى بردة داهية لقنا؛ ويقال إن ذا الرمة لما أنشده:
سمعت الناس ينتجعون غيثا ... فقلت لصيدح انتجعى بلالا
تناخى عند خير فتى يمان ... إذا النّكباء ناوحت الشمالا «٣٩»
فلما سمع قوله:
فقلت لصيدح انتجعى بلالا
قال: يا غلام، مر لها بقتّ ونوى؛ أراد أن ذا الرّمة لا يحسن المدح.
قال المبرد: قوله:
سمعت الناس ينتجعون
حكاية، والمعنى إذا حقق إنما هو سمعت هذه اللفظة؛ أى قائلا يقول: الناس ينتجعون غيثا، ومثل هذا قوله:
وجدنا فى كتاب بنى تميم ... أحقّ الخيل بالرّكض المعار
فمعناه وجدنا هذه اللفظة مكتوبة؛ فقوله: أحقّ الخيل ابتداء، والمعار خبره. ومثل هذا قرأت: «الحمد لله رب العالمين» ؛ إنما حكيت ما قرأت.
وأخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن الحسن البلعىّ، قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبى عبيدة، قال: لما أنشد ذو الرّمة بلالا مدحه، فبلغ قوله:
رأيت الناس ينتجعون غيثا ... البيت.
قال بلال: يا غلام؛ اعلف ناقته، فإنه لا يحسن أن يمدح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute