كتب إلى أحمد بن عبد العزيز الجوهرى، قال: حدثنى محمد بن القاسم، قال:
حدثنى روح بن الفرج أبو حاتم الحرمازى، قال حدثنى أبو قطن عمرو بن الهيثم، عن شعبة، قال: لقيت ذا الرمة فقلت: أكتبنى بعض شعرك. فجعل يملّ «٣٦» علىّ ويطّلع فى الكتاب، فيقول: ارفع اللام من السين، وشقّ الصاد، ولا تعوّر الكاف.
فقلت: من أين لك الكتاب؟ قال: قدم علينا رجل من الحيرة، فكان يؤدّب أولادنا، فكنت آخذ بيده فأدخله الرمل فيعلمنى الكتاب، وأنا أفعل ذلك لئلا تقول علىّ ما لم أقل.
أخبرنا محمد بن عبد الله البصرى، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابى، قال:
حدثنا عبد الله بن الضحاك، عن الهيثم بن عدى، قال. قرأ حماد الراوية على ذى الرمة شعره، فرآه قد ترك فى الخط لاما، فقال له حماد: وإنك لتكتب؟ قال: اكتم علىّ، فإنه كان يأتى باديتنا خطّاط يعلّمنا الحروف تخطيطا فى الرمل فى الليالى القمر، فاستحسنتها فثبتت فى قلبى ولم تخطّها يدى.
حدثنى أبو عبد الله الحكيمى، قال: حدثنى يموت بن المزرّع، قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل، قال: حدثنا الأصمعى، قال: قال عيسى بن عمر: كنت فى يوم من أيامى أقرأ على ذى الرمة شيئا من شعره، فقال لى: أصلح هذا الحرف. فقلت:
وإنك لتكتب؟ قال: نعم، قدم علينا حضرى لكم فعلّمنا الخطّ فى الرمل.
وحدثنى على بن عبد الرحمن، قال: أخبرنى يحيى بن على بن يحيى المنجم، عن أبيه، عن إسحاق الموصلى، قال: أصبت فى كتبى رقعة أظنّها من كتب ابن جناح، فيها: حدثنى أبو عبيدة؛ قال: حدثنى عيسى بن عمر، قال: قال لى ذو الرمة: أنت والله أعجب إلىّ من هؤلاء الأعراب؛ أنت تكتب وتؤدّى ما تسمع؛ وهؤلاء يهون علىّ أحدهم وقد نحته من جبل أن يجىء به على غير وجهه.
قال: قلت: إنى لم أحلّ منك بشىء. قال: كنت مشغولا، عد إلىّ. فعدت إليه فتعاييت فى شىء فتهجّاه لى؛ فقلت: أراك تكتب يا أبا الحارث. قال: إياك أن يعلم هذا أحد؛ تعلمت الخط من رجل [٨٨] كان عندنا، أتانا بالحفر فكان يجلس إلىّ من العتمة إلى أن ينكفت السامر يخطّ لى فى تراب البطحاء.